للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تختلف الحركة التعاونية الصهيونية في فلسطين في جذورها التاريخية ولا في رؤيتها عن الحركة التعاونية اليهودية في أوربا. فالحركة التعاونية الصهيونية كانت متأثرة بأفكار سيركين وجوردون وبوروخوف وأوبنهايمر. وقد تحدَّث سيركين وجوردون عن العمل الجماعي اليهودي كوسيلة لنبذ الهامشية والطفيلية ولاكتساب هوية جديدة يهودية منفصلة. ولذلك ترجمت هذه الأيديولوجية نفسها إلى مفاهيم عنصرية مثل مفهوم اقتحام الأرض والعمل والحراسة والإنتاج ومفهوم العمل العبري. أما أوبنهايمر فقد قنَّن هذه التعاونية الانفصالية، إن صح التعبير، فقد كان من المطالبين بما كان يسميه «الاستعمار الكبير» الذي كان يعني الاستيلاء على كل الأرض الفلسطينية بشكل جماعي على عكس «الاستعمار الصغير» الذي يقوم على أساس دعم أثرياء الغرب والتسلل. والاستعمار الكبير لن يتم إلا عن طريق إنشاء شبكة من المستعمرات الزراعية والقرى التعاونية على أساس الاعتماد الذاتي، إذ لا بقاء لليهود في فلسطين إلا بالزراعة وإقامة اقتصاد زراعي وتكوين طبقة من الفلاحين والمزارعين لضمان استقرار المدن اليهودية. وقد طالب أوبنهايمر بأن تظل الأرض كلها ملكاً أزلياً للشعب اليهودي كما طالب بإحياء القوانين الزراعية لإسرائيل القديمة بعد تجديدها، وإدخال قوانين السنة السبتية وسنة اليوبيل. وطالب أوبنهايمر بعدم السماح بقيام سلطة قوية لكبار الملاك لأن هذه السلطة في عرقلتها تطبيق القانون كانت لها اليد الطولى في انهيار الدولة العبرانية القديمة، أي أن أوبنهايمر كان يؤيد الحركة التعاونية كاستمرار للتقاليد الدينية وكترجمة لمطامح الشعب اليهودي في الانفصال وفي ممارسة شعائره الدينية التي هي من أهم مظاهر انفصاله.

<<  <  ج: ص:  >  >>