وقد بدأت الحركة التعاونية اليهودية في روسيا بين الحرفيين اليهود الذين كوَّنوا جمعيات تعاونية تمنحهم تسهيلات ائتمانية تساعدهم على شراء الأدوات التي يستخدمونها وعلى تخزين منتجاتهم وعلى التأمين على حياة الأعضاء. وقد ساهم الأثرياء من اليهود الأمريكيين والألمان في تحويل هذه التعاونيات كجزء من محاولتهم تحويل اليهود إلى قطاع اقتصادي منتج (كما يقول الاصطلاح الصهيوني) وذلك حتى لا تزداد الهجرة من شرق أوربا إلى بلاد الغرب، الأمر الذي كان يهدد مصالحهم الاقتصادية ووضعهم الاجتماعي. وقد انتشرت التنظيمات التعاونية في روسيا حتى أصبحت تضم ٤٠٠ ألف عضو (يعولون حوالي مليون ونصف مليون شخص، أي حوالي ثُلث يهود روسيا في ذلك الوقت) . ومما له دلالة أن هذه التعاونيات كانت مُقسَّمة على النحو التالي:
٣٦% تعاونيات صغار التجار
٣٢% صناع مهرة
٧.٥% فلاحون
٢% عمال
٢١.٥ % تعاونيات مختلفة
أي أن الحركة التعاونية اليهودية في روسيا كانت أساساً حركة لحل مشاكل الطبقة البورجوازية الصغيرة، ونشأت في هذه التربة. والقول نفسه ينطبق على الحركة التعاونية في بولندا التي كانت تضم خُمس يهود بولندا (وقد تركت هذه النشأة البورجوازية الصغيرة أثرها في بناء الحركة التعاونية للصهيونية الاستيطانية فيما بعد) .
وقد نقل المستوطنون اليهود في الأرجنتين نمط التنظيم التعاوني معهم إلى وطنهم الجديد (دون أية ادعاءات عقائدية أو مثالية بشأنها) فأنشأوا تعاونيات زراعية، ولكن لم يُقدَّر لها النجاح أو الانتشار (وهي آخذة في الاختفاء التدريجي) نظراً لانصراف المستوطنين في الأرجنتين عن الزراعة إلى الأعمال التجارية، ومن ثم فقد أسسوا تعاونيات مصرفية، إن صح التعبير، فساهم أكثر من ١٥ ألف يهودي في تأسيس تعاونية البنك التجاري عام ١٩١٧ وبنك الشعب اليهودي عام ١٩٢١.