للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنظم الحلولية (الروحية والمادية) نظم مغلقة، تُفضي إلى نهاية التاريخ، ففي وحدة الوجود الروحية يحل الإله في الطبيعة وفي الإنسان فيستوعبهما في ذاته ويصبح كل شيء تعبيراً عن الإله وتجسيداً له (ولا موجود إلا هو) ، فينتهي التاريخ ويُلغى الزمان ويتحول إلى دورات متكررة؛ بداياته تشبه نهاياته، وتشبه كل دورة كونية الدورات الأخرى (فهو عود أبدي رتيب) . أما في إطار وحدة الوجود المادية، فإن الإله يحل في الإنسان والطبيعة ويُستوعَب فيهما، ويصبح لا وجود له إلا من خلالهما. ثم تُعاد تسميته ليصبح «قانون الحركة» أو «قانون الضرورة» أو «قوانين الطبيعة/المادة» ، التي يُردُّ لها كل شيء، ومن ذلك الظواهر الإنسانية، (ولا موجود إلا هي) . ومن يعرف هذه القوانين يصل إلى المعرفة التي تمكِّنه من التحكم في العالم وفي إنهاء التاريخ الإنساني والزمان وفي بدء التاريخ الطبيعي وتأسيس الفردوس الأرضي. فكأن وحدة الوجود الروحية تتحول، من خلال إعادة التسمية، إلى وحدة وجود مادية، معادية للإنسان ولاستقلاله عن عالم الطبيعة/المادة من حوله، ومعادية للتاريخ، مجال حرية الإنسان وساحة نجاحه وفشله.

<<  <  ج: ص:  >  >>