مصانع أو مزارع الآخرين دون استقلالية، فإنه سيفشل في تحقيق أهداف المشروع الصهيوني. والعمال اليهود، إلى جانب ذلك، لن يعيدوا بَعْث أنفسهم وتطبيعها وغَسْل أدران المنفى عنها إن لم يعملوا بأنفسهم، فالشخصية اليهودية التي أحضروها معهم لابد أن يتم التخلص منها.
وإن لم يعمل اليهود بأنفسهم، فإنهم لن يحلوا محل الغريب. ولو حصل الصهاينة على كل سندات ملكية الأرض التي يطالب بها الصهاينة الدبلوماسيون (الاستعماريون) ، أو براءة الاستيطان الدولية التي يطالب بها الصهاينة السياسيون، فإن البلد مع هذا سيظل في يد من يعمل فيه، أي في يد العرب. ولذا، لا ينبغي الاكتفاء بشراء الأراضي من العرب وإنما يجب إحلال اليهود محلهم، فبدون العمل العبري سيظل المُستوطَن الصهيوني في أيديهم. ولهذا، يرى جوردون أن الطبقة العاملة اليهودية هي عماد المشروع الصهيوني. ولا شك في أن منطق جوردون الرومانسي في مجال تأليه العمل لعب دوراً كبيراً في تجنيد شباب اليهود الثائرين في أوربا، ولكن جوردون في مَعرض مواجهته مع العرب لا يكتفي بالمنطق الرومانسي وإنما يتحدث كذلك عن حق اليهود الأبدي في الأرض الفلسطينية، وهو حق ينسخ كل الحقوق الأخرى، ثم يضيف: وخصوصاً أن العرب لم يخلقوا أي شيء طوال فترة استيلائهم على الأرض المقدَّسة، أي أنه ينظر إلى العربي من خلال مقولة العربي المتخلف كي يبرر الاستيلاء الصهيوني على الأرض.