لندن، أغسطس ١٩٠٠. عُقد برئاسة هرتزل، وجرى اختيار العاصمة البريطانية مقراً لانعقاد المؤتمر نظراً لإدراك قادة الحركة الصهيونية في ذلك الوقت تعاظُم مصالح بريطانيا في المنطقة، ومن ثم فقد استهدفوا الحصول على تأييد بريطانيا لأهداف الصهيونية، وتعريف الرأي العام البريطاني بأهداف حركتهم. وبالفعل، طُرحت مسألة بث الدعاية الصهيونية كإحدى المسائل الأساسية في جدول أعمال المؤتمر. وشهد هذا المؤتمر ـ الذي حضره ما يزيد على ٤٠٠ مندوب ـ اشتداد حدة النزاع بين التيارات الدينية والتيارات العلمانية، وذلك عندما طُرحت المسائل الثقافية والروحية للمناقشة، إذ طالب بعض الحاخامات بألا تتعرض المنظمة الصهيونية للخوض في القضايا الدينية والثقافية اليهودية، وأن تقصر عملها على النشاط السياسي وخدمة الاستيطان اليهودي في فلسطين. وإزاء ذلك، دعا هرتزل الجميع إلى نبذ الخلافات جانباً والتركيز على الأهداف المشتركة. وخلال المؤتمر، تم وَضْع مخطط المشروع المتعلق بإنشاء الصندوق القومي اليهودي. وقد وُوجه المؤتمر بمعارضة أعضاء الجماعة اليهودية في إنجلترا، وتجاهله أثرياء اليهود، ولذا توجَّه المؤتمر لغير اليهود ونجح في اجتذاب اهتمامهم إلى حدٍّ ما، وخصوصاً أن الصهيونية كانت تطرح حلاًّ لمشكلة المهاجرين من يهود اليديشية الذين كانوا يثيرون القلق في أوساط النخبة الحاكمة الإنجليزية وأثرياء اليهود. ولذا، حرص هرتزل على أن يدلي بشهادته أمام اللجان المختصة بمناقشة موضوع الهجرة اليهودية إلى إنجلترا.