للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أهم الموضوعات التي ترد في كتب الأنبياء، فكرة «الميثاق» أو «العهد الجديد» الذي سيحل محل «العهد القديم» ، والذي سيكون أساسه القلب لا القرابين والطقوس، وهو عهد عالمي لكل الأمم وليس مقصوراً على جماعة يسرائيل (والمسيحية ترى أنها هي هذا العهد الجديد بين الإله والشعب، وأن الشعب هو كل من يؤمن بالمسيح لا اليهود وحسب، أي أن المسيحية هي استمرار رسالة الأنبياء بأخلاقيتها وعالميتها) .

وفي مجال التفرقة بين الموقف الإسلامي والموقف اليهودي (الحاخامي) من النبوة والأنبياء يمكن أن نذكر العناصر التالية:

١ ـ لا يقتصر الوحي داخل النسق اليهودي على نبي أو رسول واحد (كما هو الحال في الإسلام) ، بل نجده ينتقل من نبي إلى نبي. ومن هنا، فإن إحدى هبات الإله لجماعة يسرائيل (حسب تصوُّر الحاخامات) أنه أرسل وسيرسل لها دائماً عدداً من الأنبياء يكملون الطرق المعتادة للإرشاد والهداية التي يستخدمها الكهنة (ولهذا، فإن هناك توتراً دائماً بين الكهنة والعقيدة الشعبية السائدة من جهة والأنبياء من جهة أخرى) . ويعبِّر هذا في تصورنا عن أن التركيب الجيولوجي اليهودي لم يتخلص من الصراع الحاد والدائم بين النزعة الحلولية (الوقوع في براثن الشرك وعبادة العجل الذهبي) والنزعة التوحيدية، وأن تعدُّد الأنبياء - على مستوى من المستويات - هو تعبير عن هذا. كما أنه نظراً لاختلاف المجال الدلالي لكلمة «نبي» في اليهودية، واختلافه عن المجال الدلالي للكلمة في الإسلام، فإننا نجد أن عدداً ممن سموا «أنبياء» في التراث اليهودي لم يرد لهم ذكر في المصادر الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>