وقد أصبح معسكر أوشفيتس (في الخطاب السياسي والحضاري الغربي) رمزاً ودالاً على عدة مدلولات. فهو رمز مباشر على الإبادة النازية لليهود (بمعنى التصفية الجسدية المتعمدة) ، أي أنه الجزء الذي يتبدَّى الكل من خلاله. كما أصبح معسكر أوشفيتس دالاً يشير إلى كل جرائم الإبادة التي تتم بشكل منهجي لا شخصي بيروقراطي (ولكن الصهاينة يرفضون استخدام الاسم على هذا النحو حتى يحتفظ معسكر أوشفيتس بقداسته اليهودية) . ويقول تيودور أدورنو (أحد مفكري مدرسة فرانكفورت) : "لا شعر بعد أوشفيتس"، أي لا يمكن لأي إنسان أن يقرض الشعر بعد أن كشفت الإنسانية عن وجهها القبيح في أوشفيتس. وفي هذا تلاعب بمستويات التعميم والتخصيص، ولعله كان من الأجدر بأدورنو أن يتحدث عن حضارة العقلانية المادية، بدلاً من الحديث العام، العائم الغائم، عن الإنسانية جمعاء. وهذا ما فعله فاكيلاف هافيل، المؤلف المسرحي ورئيس جمهورية التشيك، حينما تحدث عن كبرياء العقل المادي الحديث وغروره الذي يطور مخططات علمية مجردة يحاول فرضها على الحياة الإنسانية (بكل ما تحويه من أسرار لا يسبر لها غور) ويفرض عليها التجانس والتنميط وينتهي به الأمر إلى اختزالها وتدميرها. ثم قال:"وماذا يكون معسكر الاعتقال سوى محاولة من جانب دعاة اليوتوبيا [التكنولوجيا البيروقراطية] أن يتخلصوا من العناصر غير الملائمة [للمخطط التكنولوجي] ؟ ".