للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ ـ طبق النازيون هذه الرؤية الإمبريالية (الصهيونية) على اليهود، ولذا بدأ الحل النهائي بتهجير اليهود من أصل بولندي إلى بولندا، ولكن الحدود أُوصدت دونهم. ثم طرح النازيون مشاريع صهيونية عديدة تهدف إلى توطين اليهود وتأسيس وطن قومي لهم في أي مكان خارج أوربا (أكوادور ـ سوريا ـ مدغشقر) .

وقد تعاون النازيون مع الصهاينة انطلاقاً من قبول هذا الحل الصهيوني النازي للمسألة اليهودية فتم توقيع معاهدة الهعفراة للمساعدة في تهجير اليهود إلى فلسطين. وحقق النازيون بعض النجاح في هذا المضمار إذ بلغ عدد اليهود الذين هاجروا من ألمانيا وحدها حوالي ١٥٠ ألف (بين ١٩٣٣ ـ ١٩٣٨) وهي نسبة مئوية عالية. وظل النازيون يدافعون عن فكرة تهجير اليهود، وكانوا لا يكفون عن الشكوى من أن سيل الهجرة لم يكن سريعاً بما فيه الكفاية، ومن أن الدول الغربية توصد أبوابها في وجه المهاجرين اليهود.

وفي السنين الأخيرة للحرب، بعد مؤتمر فانسي (يناير ١٩٤٢) وبعد وقوع مساحات شاسعة من الأرض السوفيتية البولندية في أيدي النازيين، بدأت فكرة توطين اليهود فيها تراود النازيين ( «ترحيل اليهود إلى الشرق» في المصطلح النازي) . وقد جاء في مذكرة رسمية بتاريخ ١٠ فبراير ١٩٤٢ صادرة من وزارة الخارجية الألمانية ما يلي: «إن الحرب ضد الاتحاد السوفيتي وفرت لنا أراضي جديدة لتنفيذ الحل النهائي. وقد قرر الفوهرر أنه بدلاً من إرسال اليهود إلى مدغشقر فسيقوم بإرسالهم إلى الشرق. ولذا ليس هناك ما يدعو إلى التفكير في مدغشقر باعتبارها [مجال] الحل النهائي» .

وكل هذا يعني في واقع الأمر أن الحل النهائي هو حل صهيوني إقليمي، يعني التخلص من اليهود عن طريق ترحيلهم (ترانسفير) من مكان لآخر، تماماً كما فعلت الحضارة الغربية مع اليهود حيث نقلتهم إلى فلسطين، وكما فعل الصهاينة مع الفلسطينيين بنقلهم منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>