للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ ـ لكن الفضيحة الأساسية التي تغطيها عملية أيقنة الإبادة النازية هي الجريمة التي ارتكبتها الحضارة الغربية في حق الشعب الفلسطيني الذي طُرد من أرضه بموجب وعد بلفور وقرار هيئة الأمم المتحدة وبدعم كل الدول الغربية. فإذا كانت الجريمة هي حقاً جريمة الألمان على وجه الخصوص أو الأغيار على وجه العموم، وضد اليهود على وجه العموم وضد اليهود وحدهم كما يدَّعي الخطاب الحضاري الغربي، فلابد إذن من حلها على مستوى عالمي وألماني، ولابد من تعويض الضحايا اليهود وحسب وإهمال الضحايا الآخرين. ومن ثم، يصبح من المنطقي أخذ (لا اغتصاب) فلسطين من "الأغيار" وردها «لليهود» بسبب الجرم الذي حاق بهم على يد هؤلاء الأغيار. كما يمكن أخذ التعويضات من الألمان وتمويل المستوطن الصهيوني باعتباره المأوى الذي "عاد" إليه ضحايا الإبادة. وإذا كانت الإبادة هي حقاً جريمة موجهة ضد اليهود وحسب، فإن المتحدثين اليهود هم وحدهم أصحاب الحق في فرض المعنى الذي يريدونه على الواقعة، وهم وحدهم أصحاب الحق في التعويض.

٤ ـ ترتكز المنظومة الغربية التحديثية بأسرها إلى العلم المنفصل عن القيمة وعن الغائية الإنسانية. ورغم الإدراك المتزايد لوحشية هذا الافتراض، فإنه لا يزال هو المقولة المعرفية الحاكمة. وفتح باب الاجتهاد بخصوص الإبادة يعني في واقع الأمر فتح باب الاجتهاد بخصوص الأساس الفلسفي الذي تستند إليه الحداثة الغربية بأسرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>