للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}؛ أي: بالأصالة {خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: ٣٢]؛ أي: بدون الكفَّار؛ فلا يَنالون شربةً ممَّا في الجنَّة، قال تعالى خبرًا عنهم: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} [الأعراف: ٥٠].

وأمَّا التفسير:

فقد قيل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ}؛ أي: قدَّر أن يكون وقتًا بعد وقتٍ، فإنَّه واقعٌ على كلِّ ما كان في الدُّنيا وما يكون، وقد ذُكر بصيغة الماضي فكان واقعًا على التقدير دون الإيجاد، ثم إنَّ أهلَ الإباحة مِن المتصوِّفة الجَهَلةِ (١) حملوا اللامَ في قوله: {لَكُمْ} على الإطلاق، والإباحةَ على الإطلاق، وقالوا: لا حَجْر ولا حَظْر، ولا نهيَ ولا أَمْرَ، وإذا تحقَّقت المعرفةُ وتأكَّدت المحبَّةُ، سقطت الخدمةُ وزالت الحرمةُ، فالحبيبُ لا يُكلِّف حبيبَه ما يُتعبه، ولا يَمنعه ما يُريده ويُطلبه، وهذا منهم كفرٌ صُراح (٢)، وخروجٌ مِن الإيمان بإفصاح، فقد نهى اللَّهُ تعالى وأَمَر، وأباح وحظر، ووعد وأَوعد، وبشَّر وهدَّد، والنصوصُ ظاهرةٌ، والدلائلُ متظاهرةٌ، فمَن حَمل هذه الآيةَ على الإباحة المطلَقة، فقد انسلخ مِن الدِّين بالكليَّة، فالمحملُ الصحيحُ ما قاله ابنُ عباس رضي اللَّه تعالى عنهما: خلق لمنافعكم ومصالحكم.

وشرحُه: أنَّ جميعَ ما في الدنيا (٣) لدَفْع حوائجكم وقِوام (٤) معايشكم، فلا بقاءَ عادةً للبشر إلَّا بالطعام والشراب، ودفعِ الحرِّ والبرد بالأَكْنان والأثواب، وقد


(١) في (ف): "الجهلية".
(٢) في (ف): "صريح".
(٣) في (ر) و (ف): "الأرض".
(٤) في (أ): "وقيام".