فقد قيل: هو الإيمانُ ببعض الأنبياء والكفرُ ببعضٍ، وقد أُمروا بالإيمان بكل الأنبياء بقوله:{آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}[النساء: ١٥٢] وأَخبر عن المؤمنين أنَّهم قالوا: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}[البقرة: ٢٨٥].
وقيل: هو قطيعةُ الرَّحِم، وقد أُمروا بوصلها بقوله:{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}[النساء: ١].
وقيل: هو تكذيبُ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- وخلافُه ومعاداتُه، مع أنَّه مِن أولاد إسماعيلَ عليه السلام، وأهلُ الكتابِ مِن أولاد إسحاقَ عليه السلام، وبينهم قرابةُ بنوَّة العَمِّ، وقد قال اللَّه تعالى:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى: ٢٣]؛ أي: الودَّ بسبب القَرابة التي بيني وبينكم مِن هذا الوجه.
وقيل: هو مبايَنتهم ومشاقَّتهم كلَّ العرب، والعرب مِن أولاد إسماعيل وهم أولاد إسحاق، وبينهم هذه القَرابة، وهم بهذه المجانبة والمحاربة قاطعونَ للأرحام، وقد أُمروا بوصلها.
وقوله تعالى:{وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} هذا مِن صفاتِ هؤلاء الفاسقين أيضًا، وقد مرَّ معنى الكلمة في قوله تعالى:{لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ}[البقرة: ١١].
وأمَّا (١) تفسيره هنا: فقد قيل: هو الكفرُ، كما في قوله تعالى:{وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا}[الأعراف: ٥٦].
وقيل: هو العملُ بالمعاصي، كما في قوله تعالى:{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا}[البقرة: ٣٠].