للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كما يقولون، وإنَّهم لا يعلمون شيئًا، وإنهم يُغرونَك ويُحدِّثونَك بالباطل، فأنزل اللَّهُ تعالى هذه الآية (١).

* * *

(١٦٣) - {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}.

وقوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} قال ابنُ عباسٍ رضي اللَّه عنهما: لمَّا فضح اللَّهُ تعالى اليهودَ بذكرِ ذُنوبهم وعيوبِهم، غضبوا وقالوا: ليس هذا كلام اللَّه، وما أنزلَ اللَّهُ على بشرٍ مِن شيءٍ، فنزلَت هذه الآية.

وبدأ بمحمَّدٍ تشريفًا له؛ لأنَّه أفضلُ الأنبياء وأعظمُهم وإن كان خاتمًا لهم، ثمَّ جعلَ نوحًا ثانيَهُ في الوحي في هذه الآية، وفي أخذ الميثاق في قوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: ٧]، وإنَّما قدَّمه على سائر الأنبياء؛ لأنَّه أبو البشر، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} [الصافات: ٧٧]، ولأنَّه أول نذير على الشِّرك، وأوَّل من عُذِّبَ أمَّتُه بردِّهم (٢) دعوته، ولأنَّه أطولُ الأنبياءِ عمرًا، وأكبرُهم سِنًّا، وجُعِلَت معجزتُه في نفسِه؛ لم تنقُص قوَّتُه، ولم تَسقط سِنُّه، ولم يَبيضَّ شعرُه، مع أنّه عمِّرَ (٣) ألف سنة ومئتي سنة، ولم يُؤذَ أحدٌ في اللَّهِ إيذاءَهُ، وهو أوَّلُ مَن شُرِعَت له الشَّرائعُ، وسُنَّت له السُّنن.


(١) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٤٢٢).
(٢) في (ف): "برد".
(٣) في (ف): "أن عمره" بدل: "أنه عمر".