للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}؛ أي: الثابتون (١) {مِنْهُمْ}؛ أي: مِن أهل الكتاب، وهم عبدُ اللَّه بنُ سلام وأصحابُه. وقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ}؛ أي: أصحاب النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقوله تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ}؛ أي: بالقرآنِ والتَّوراةِ والإنجيلِ والزَّبور.

وقوله تعالى: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} يُذكَرُ عن عائشة رضي اللَّه عنها أنَّها قالت: هذا خطأٌ مِن الكاتب (٢)، والصحيح: والمقيمون الصلاة، عطفًا على قوله: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ}. وهذا لا يجوز؛ لأنَّ اللَّه تعالى قال: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [يوسف: ١٢]، فلم يجز وقوعُ الخطأ فيه (٣) مع حفظ اللَّه تعالى، ولأَنَّه لم يغيِّرهُ الصحابة، ولو وقع الخطأ لم يُظَنَّ بهم تقريرُه وهم القدوة للأمَّة. ولنصبِه وخفضِه وجوه:

أحدها: أنه نصبٌ على المدح، كما في قول الشَّاعر:

لا يَبْعَدَنْ قومي الذين هُمُ... سُمُّ العداةِ وآفةُ الجُزْرِ

النَّازلينَ بكلِّ مُعْتَرَكٍ... والطَّيبينَ معاقدَ الأُزْرِ (٤)


(١) بعدها في (ف): "وقوله".
(٢) رواه عنها الفراء في "معاني القرآن" (١/ ١٠٦)، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص ٢٨٧)، وسعيد بن منصور (٧٦٩ - تفسير)، والطبري في "تفسيره" (٧/ ٦٨٠ - ٦٨١).
(٣) لفظ: "فيه" ليس في (أ).
(٤) البيتان للخرنق بنت بدر بن هفان، كما في "الكتاب" (٢/ ٦٤)، وهما في "ديوانها" (ص: ٢٩)، ولفظه فيه: "النازلون. . . والطيبين". قال شارح الديوان: ويروى: النازلين والطيبين. ويروى: النازلون والطيبون.
قال شارح الديوان في البيت الأول: أي: هم لأعدائها كالسُّمِّ، وهم آفةُ الجزر؛ لأنَّهم ينحرونها للأضياف. وقال: "الطيبين معاقد الأزر" تريد أنهم أعفاء الفروج، والأزر جمع إزار.