للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والتكفير كذلك كما (١) مر في سورة البقرة، وإنما جمع بينهما لأن المغفرة قد تكون تفضُّلًا من اللَّه تعالى ابتداءً والتكفيرَ يكون بالحسنات والنوائب والنكبات، فكأنهم سألوا مغفرةَ ما مضى من ذنوبهم فضلًا، وتكفيرَ ما يكون منهم في المستقبل بما يوفِّقهم له (٢) من الخيرات، والصبرِ على ما ينوبهم من الآفات، فكأنهم (٣) سألوا التوفيق لذلك.

قوله تعالى: {وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ}: هو جمع البَرِّ؛ كالأجداد: جمع الجَد، أو جمع البار؛ كالأنصار جمع الناصر، والأصحاب جمع الصاحب، وقد مر تفسير البرِّ (٤) في قوله: {لَيْسَ الْبِرَّ} [البقرة: ١٧٧].

ومعناه: أَمِتْنا مع الأبرار من عبادك الذين رضيتَ أعمالهم، ووفاتُهم معهم: أن يموتوا على مثلِ أعمالهم فيكونوا في درجاتهم، كما قال تعالى: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [التحريم: ٨]؛ أي: آمنوا على اتِّباعٍ منهم له وعملٍ بما دعا إليه.

وقيل: {وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ}؛ أي: في جملتهم، كما قال: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦٩]؛ أي: في جملتهم، ويقال: فلان مع أصحاب الألوف في العطاء؛ أي: في جملة الذين إذا أَعطوا أَعطوا ألفًا ألفا (٥).

وقيل: {وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ}؛ أي: في عصر الأبرار، ولا تؤخِّرنا إلى زمان الأشرار.

* * *


(١) في (ف) و (أ): "على ما".
(٢) "له" ليس من (أ) و (ف).
(٣) في (ف) و (أ): "فكانوا".
(٤) في (ف): "تفسيره".
(٥) "ألفا" الثانية ليست في (أ).