وأيضاً: فما فيه الألف واللام يتعرف بالعهد، فإذا أردنا تعريفه بالإشارة نقدم قبله مبهمًا، ويصير ما فيه الألف واللام صفًة له، حتى يختلط به، ويصير للإشارة، كهذا الرجل، و (يا أيها الرجل) من هذا.
فإذا قلنا: يا رجل، فقد جعلناه مكان (يا أيها الرجل) فلا يحسن حذف حرف النداء مع حذف (أيها) والألف واللام، فيكون إجحافًا.
هذا ما قال في اسم الجنس، وهو مبني على أن السماع كذلك كما تقدم، فلا حجة فيه.
وأما (هذا أقبل) فإنما قبح الحذف معه، لأن الإشارة إنما تقع للمخاطب إلى غير المخاطب [فإذا ناديت بالإشارة إلى المخاطب في النداء فلابد من (يا) ليعلم المخاطب] أنك تشير إليه وأيضا فقال المازني: إن (هذا) اسم تشير به إلى غير المخاطب، فإذا ناديته ذهبت منه تلك الإشارة، فعوض من ذلك التنبيه، وهذا أيضا فيه نظر.
أما الأول فيقال: هذا لازم في العلم، لأنه موضوع على الغيبة، فإذا ناديته فقد أقمته في مقام الحضور، فلابد من (يا) ليعلم السامع أنك تناديه، ولما لم يلتزموا ذلك في العلم مع وجود مثل ما في اسم الإشارة - دل على أنهم لم يعتبروا ما قال.
وأما قول المازني فرده ابن خروف بأنه يلزم مثله في الأعلام، لأنها قد انقلبت إلى حكم الحضرة، كما انقلب اسم الإشارة عنها إلى حكم الحضرة، ودخلها من المعنى ما لم يكن فيها قبل، فينبغي أن يلزمها (يا).