وقوله تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " المائدة ٤٤- ثم بكى رجل منهم يقال لهُ عبد الله بن سخبرة السلمي، ثم حرض أولئك على الخروج على الناس،وقال في كلامه: اضربوا وجوههم وجباههم بالسيوف حتى يطاع الرحمن الرحيم، فإن أنتم ظفرتم وأطيع الله كما أردتم أثابكم ثواب المطيعين لهُ العاملين بأمره.وإن قتلتم فأي شيء أفضل من المصير إلى رضوان الله وجنته؟ ثم يعلق ابن كثير على هذه الرواية فيقول " قلت: وهذا الضرب من الناس من أغرب أشكال بني آدم فسبحان من نوع خلقه كما أراد، وسبق في قدره العظيم، وما أحسن ما قال بعض السلف في الخوارج إنهم المذكورون في قوله تعالى {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} والمقصود أن هؤلاء الجهلة الضلال والأشقياء في الأقوال والأفعال اجتمع رأيهم على الخروج من بين أظهر المسلمين..واجتمع الجميع بالنهروان وصارت لهم شوكة ومنعة وهم جند مستقلون وفيهم شجاعة وعندهم أنهم متقربون بذلك. فهم لا يصطلى لهم بنار، ولا يطمع في أن يؤخذ منهم بثأر، وبالله المستعان "ثم بلغ علياً أن الخوارج قد عاثوا في الأرض فساداً وسفكوا الدماء وقطعوا السبل واستحلوا المحارم، وكان من جملة من قتلوه عبد الله بن خباب صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسروه وامرأته معه وهي حامل فاقتادوه بيده فبينما هو يسير معهم إذ سقطت تمرة من نخلة فأخذها أحدهم فألقاها في فمه فقال له آخر: بغير إذن ولا ثمن؟ فألقاها ذاك من فمه، ومع هذا قدموا عبد الله بن خباب فذبحوه، وجاءوا إلى امرأته فقالت: إني امرأة حبلى، ألا تتقون الله، فذبحوها وبقروا بطنها عن ولدها، فلما بلغ الناس هذا من صنيعهم خافوا إن هم ذهبوا إلى الشام واشتغلوا بقتال أهله أن يخلفهم هؤلاء في ذراريهم