والدار ُقطني أنه لما خرج الطائفة العراقية مائة ألف والشامية في سبعين ألفاً أو تسعين ألفاً ونزلوا على الفرات بصفين واقتتلوا في أول يوم وهو الثلاثاء على الماء فغلب أهل العراق عليه. ثم التقوا يوم الأربعاء لسبع خلون من صفر سنة سبع وثلاثين ويوم الخميس ويوم الجمعة وليلة السبت ورفعت المصاحف من أهل الشام ودعوا إلى الصلح وتفرقوا على أن تجعل كل طائفة أمرها إلى رجل حتى يكون الرجلان يحكمان بين الدعويين بالحق فكان من جهة علي أبو موسى الأشعري، ومن جهة معاوية عمرو بن العاص وكان أبو موسى رجلاً تقياً ثقفاً فقيهاً عالماً حسبما بيناه في كتاب " سراج المريدين " أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم -إلى اليمن مع مُعاذ وقدمه عمر وأثنى عليه بالفهم وزعمت الطائفة التاريخية الركيكة أنه كان أبله ضعيف الرأي مخدوعاً في القول، وأن ابن العاص كان ذا دهاء وأرب حتى ضربت الأمثال بدهائه تأكيداً لما أرادت من الفساد.اتبع في ذلك بعض الجهال بعضاً وصنفوا فيه حكايات، وغيره من الصحابة وكان أحذق منه وأدهى، وإنما بنوا ذلك على أن عمراً لما غدر أبا موسى في قصة التحكيم صار له الذكر في الدهاء والمكر.وقالوا. [يقصد الطائفة التاريخية الركيكة}
:إنهما لما اجتمعا بأذرُح من دومه الجندل وتفاوضا اتفقا على أن يخلعا الرجلين فقال عمرو لأبي موسى: اسبق بالقول فتقدم فقال: إني نظرتُ فخلعت علياً عن الأمر وينظر المسلمون لأنفسهم كما خلعت سيفي هذا من عنقي أو من - عاتقي - وأخرجه من عنقه فوضعه في الأرض. وقام عمرو فوضع سيفه في الأرض وقال: إني نظرت فأثبت معاوية في الأمر كما أثبت سيفي هذا في عاتقي وتقلده. فأنكر أبو موسى فقال عمرو , كذلك اتفقنا وتفرق الجمع على ذلك من الاختلاف..