للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [سورة البقرة: ٢٢٨]، فكن إذا مضت الثلاثة الأقراء؛ فحكمهن

بعد مضيها غير حكمهن فيها. (١)

ونوقش بما يأتي: أ- لقد كان في الآية كفاية في عدم اعتبار الحولين؛ لأنه تعالى قال: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى المَوْلُوْدِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوْفِ} [سورة البقرة: ٢٣٣]؛ فأمر تعالى الوالدات بإرضاع المولود عامين، وليس في هذا نفي تحريم الرضاعة بعد ذلك، ولا أن التحريم ينقطع بتمام الحولين. وكان قول الله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخْوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [سورة النساء: ٢٣]، ولم يقل تعالى في حولين، ولا في وقت دون وقت؛ زائدًا على الآيات الأخر، وعمومًا: لا يجوز تخصيصه إلا بنص يبين أنه مخصص له لا بظن، ولا بمحتمل لا بيان فيه، وكانت الآثار في نفي التخصيص بالحولين قد جاءت مجيء التواتر. (٢)

وأجيب عنه: بأن ما جاء في إثبات التحريم من الرضاع بعد الحولين خاص لسالم، كما قال بعض أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث جاء في الحديث أنهن قلن: ما نرى هذا إلا خاصًّا لسالم، وما ندري لعله رخصة لسالم ا. هـ (٣)

ونوقش الجواب: بأنه ظنٌّ ممن ظن ذلك منهن - رضي الله عنهن - بلا شك؛ لأنهن قلن: "لا ندري. . . "، والظن لا يعارض بالسنن كما قال تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [سورة يونس: ٣٦]. (٤)

وبأنه شتان بين احتجاج أم سلمة - رضي الله عنها - باختيارها، وبين احتجاج عائشة - رضي الله عنها - بالسنة الثابتة، وقولها لها: أما لك في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة؟ وسكوت أم سلمة ينبئ برجوعها إلى الحق عن احتياطها. (٥)


(١) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٨٠). ابن جرير: المصدر السابق، (٤/ ٢٠٧).
(٢) ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (١٠/ ٢٨ - ٢٩).
(٣) ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (١٠/ ٢٩).
(٤) ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (١٠/ ٢٩).
(٥) تقدم تخريجه في المبحث الأول من الفصل الثالث. ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (١٠/ ٢٩).

<<  <   >  >>