للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١١ - إن أصحاب العدد قد اختلفت أقوالهم في الرضعة وحقيقتها، واضطربت أشد الاضطراب؛ لأن عادة الشارع فيما كان هكذا أن لا يجعل فيه نصابًا؛ لتعسر ضبطه والعلم به. (١)

أدلة القول الثاني: استدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:

١ - ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان، ولا المصة ولا المصتان" رواه مسلم (٢).

ونوقش بما يأتي: أ- إن هذا الدليل يقتضي إيجاب التحريم بالثلاث؛ فلزم إيجاب التحريم بثلاث، وإذا ثبت التحريم بالثلاث؛ ثبت بالثنتين؛ لاتفاقنا جميعًا على أنه لا فرق بين الثانية والثالثة. (٣)

ب - إنه يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صبي ارتضع رضعة أو رضعتين, ولم يعلموا حصول اللبن في جوفه؛ فقال: مثل هذا لا يحرم حتى يحصل اليقين بوصوله إلى جوفه؛ فنقل الراوي الحكمَ, ولم ينقل السبب الذي خرج عليه الخطاب؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ربا إلا في النسيئة" متفق عليه (٤) , ومعلوم أنه كلام خارج عن سبب قصر الحكم عليه, وهو أنه سئل عن النوعين بعضه ببعض, فقال ذلك. (٥)


(١) ابن القيم: المصدر السابق، (٥/ ٥٧١).
(٢) تقدم تخريجه عند الضابط التاسع في المبحث الثالث من التمهيد. ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٧٤ - ٧٥).
(٣) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٠).
(٤) ينظر: البخاري: المصدر السابق، (كتاب البيوع - باب بيع الدينار بالدينار نسأً - ٣/ ٢١٩)، برقم (٢١٨٧)؛ من طريق علي بن عبد الله، عن الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن صالح الزيات، عن أبي سعيد الخدري، عن ابن عباس، عن أسامة؛ به مرفوعًا، بلفظ: "لا ربًا إلا في النسيئة". مسلم: المصدر السابق، (كتاب البيوع - باب إثبات الربا في بيوع النقد ونسخ قول من قال إنما الربا في النسيئة - ٤/ ٢٩٣)، برقم (١٦٣٤)؛ من طريق محمد بن عباد، ومحمد بن حاتم، وابن أبي عمر، جميعا عن سفيان بن عيينة، واللفظ لابن عباد، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن أبي صالح، عن أبي سعيد؛ به مرفوعًا، بلفظ: "الربا في النسيئة".
(٥) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٠ - ٢٦١).

<<  <   >  >>