للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٤٩١] ومنه قول أبي حميد الساعدي- رضي الله عنه- في حديثه: حتى ألقته بجبلي طيئ). جبلا طيئ أحدهما: سلمى والآخر أجأ، على (فعل) بالتحريك، وهما بأرض نجد. ووادي القرى لا يعرب الياء من الوادي؛ فإن الكلمتين جعلتا اسما واحدا.

[٤٤٩٢] ومنه حديث أبي ذر- رضي الله عنه-: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنكم ستفتحون مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط).

قلت: كنت أرى هذا الحديث مشكلا جدا؛ لأن تسمية القيراط لم تكن مختصة بأرض مصر؛ بل شاركهم فيها البدو والحضر من بلاد العرب، وقد تكلم فيها نبي الله - صلى الله عليه وسلم -[٣١٧] في عدة أحاديث، منها قوله: (من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلي عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين). ومنها حديثه الآخر: (من اقتنى كلبا ليس بكلب ضار ولا ماشية إلا نقص من عمله كل يوم قيراطان) ومنها حديثه الآخر: (كنت أرعى لأهل مكة على قراريط) ولم أجد أحدا ممن يتعنى بتناول أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - تعرض لذكره في المشكلات، فضلا عن كشف الغطاء، حتى وحدت أبا جعفر الطحاوي- شكر الله سعيه- قد ذكر في كتابه الموسوم بمشكل الآثار- أن الإشارة بذلك وقعت إلى كلمة عور استعملها المصريون في المسابة وإسماع المكروه، فيقولون: أعطيت فلانا قراريط أي: أسمعته المكروه، ويقولون: اذهب لا أعطيك قراريطك أي: سبابك. ومع اطمئنان قلبي إلى تأويل الطحاوي؛ لكونه من جلدة المصريين وهو أعلم بلهجة أهل بلدته، فلقد زادني وضوحا ما وقع لي من التناسب بين قوله هذا وبين التوصية بهم؛ وذلك أنه أشار إلى أن القوم في لسانهم بذاء، فأحسنوا إليهم بالصفح والعفو، ولا يحملنكم حدة لسانهم فيما يذكرون من المساوئ على الإساءة إليهم، فإن لهم ذمة ورحما.

قلت: أما الذمة فإن المراد منها الزمام الذي حصل من قبل إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله- من مارية

<<  <  ج: ص:  >  >>