للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واعلم أن المغايرة تارة تكون بالذات نحو زيد غير عمرو، وتارة بالأحوال والصفات، نحو قولنا: وجه زيد اليوم غير وجهه أمس، وقد دخل عمرو بغير الوجه الذي خرج به، أي: حاله وصفته الآن غير حاله وصفته الذي كان، والمغايرة بين الإسم والمسمى بالذات لأن الاسم لفظ محل وجوه اللسان كلفظ زيد الذي هو الزاي والياء والدال، والمسمى ذات محل وجودها الأعيان كشخص زيد الطويل المنتصب القامة الذي هو حيوان ناطق، وهذه مغايرة ذاتية بالضرورة (١).

واعلم أن لنا اسما ومُسَمَّى بفتح الميم، ومُسَمِّي بكسرها، وتسمية، فالاسم هو اللفظ الموضوع للذات لتعريفها أو تخصيصها عن غيرها كلفظ زيد، والمسمَّى: هو الذات المقصود تمييزها بالاسم كشخص زيد، والمسمي: هو الواضع ذلك اللفظ لتلك الذات كأبي زيد الذي وضع اسمه لشخصه، والتسمية: هي وضع ذلك اللفظ لتلك الذات، والوضع هو تخصيص لفظ بمعنى بحيث إذا أطلق ذلك اللفظ فهم ذلك المعنى، فبهذا التفصيل يعلم أن الاسم غير المسمَّى بالضرورة.


(١) قال الإمام أبو جعفر الطبري في رسالته صريح السنة:
٢٦ وأما القول في الاسم أهو المسمى أم غير المسمى فإنه من الحماقات الحادثة التي لا أثر فيها فيتبع، ولا قول من إمام فيسمع، فالخوض فيه شين والصمت عنه زين، وحسب امرئ من العلم به والقول فيه أن ينتهي إلى قول الله عزَّ وجلَّ ثناؤه الصادق، وهو قوله: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} وقوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} أهـ وينظر كتاب الفنون لأبي الوفاء علي بن عقيل الحنبلي ١/ ٢٣٨ - ٢٤٠.