للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك الوقت دون ما قبله. وهذا ممَّا أغرى (١) الفلاسفة بالقول بقدم العالم، ورأوا أنه خيرٌ من القول بذلك.

بل حقيقة هذا القول أن الفعل لم يزل ممتنعًا منه أزلًا وأبدًا، إذ يستحيل قيامه به. وعن هذه الطريق قال جهم ومن وافقه بفَناء الجنة وفناء أهلها وعدمهم (٢) عدمًا محضًا. وعنها قال أبو الهذيل العلاف بفناء حركاتهم دون ذواتهم، فإذا رفع أحدهم اللقمة إلى فيه وفنيت الحركات بقيت يده ممدودة لا تتحرك، وتبقى كذلك أبد الآبدين، وإذا جامع الحوراء وفنيت الحركات يبقيان كذلك في تلك الحال أبد الآبدين، فيبقون في سكون الأحجار.

وعن هذه الطريق قالت الجهمية: إن الله في كل مكان بذاته. وقال إخوانهم: ليس في العالم، ولا خارج العالم، ولا متصلًا به، ولا منفصلًا عنه، ولا مباينًا له، ولا محايثًا له، ولا (٣) فوقه ولا خلفه، ولا أمامه ولا وراءه.

وعنها قال من قال: إن ما شاهده من الأعراض الثابتة كالأكوان والمقادير والأشكال تتبدل في كل نَفَسٍ ولحظةٍ، ويخلفها غيرها، حتى قال من قال: إن الروح عَرَضٌ، وإن (٤) الإنسان يستحدث في كل ساعةٍ عدة أرواح، تذهب له روحٌ، وتجيء غيرها.

وعنها قال من قال: إن جسم أنتن الرجيع وأخبثه مماثل لجسم أطيب الطيب في الحدِّ والحقيقة، لا فرق بينهما إلَّا بأمر عرضي، وإن جسم النار


(١) «ح»: «اعترى». والمثبت من «م».
(٢) «ح»: «عرفهم». والمثبت من «م».
(٣) «ح»: «و». والمثبت من «م».
(٤) «ح»: «إن». والمثبت من «م».