يحصل الشرف بها في الدين والدنيا وينجو بسببها في الآخرة الإنسان. قال في مطلعها:
أكلف جفن العين أن ينثر الدرا ... فيأبى ويعتاض العقيق به جمرا
وأسأله أن يكتم الوجد ساعة ... فيشقى وإن اللوم آونة إغرا
وقد كنت أستصحيه حين توقدت ... جذى الوجد فاستسقيته يطفئ الجمرا
على أن دمع العين فضل حشاشة ... تذاب فماذا ينفع الدمع أن يجرا
وكانت سروح الهم عنى عوازبا ... وبعد النوى أضحت مراتعها الصدرا
وكانت عيون الحادثات غوافلا ... زمانا وخطب الدهر كان بنا غرا
ليالى كان البين عن جيرة الحمى ... صدودا ونظم الشمل لم يستحل نثرا
وكانت رياض الحسن تزهو نضيرة ... فكاهتهم أضحت بأرجائها زهرا
ومجنية منها طرائق تجتلى ... إذا تجتنى في كل مظلمة بدرا
وكانت مدامات الوصال مدامة ... على القوم صرفا لا مزيجا ولا نزوا
تجاذب أخدان الصفاء كئوسها ... فلا تختشى منها خمارا ولا سكرا
فبينا ليال الوصل بيض وروضه ... يفيض الندى كانت مرابعه خضرا
عدت عدوة أيدى الحوادث فاختلت ... خلاها فعادت بعد نضرتها غبرا
وأبدلن مانوس الديار وأهلها ... بوحش وحولن الأهيل بها قفرا
وبين جموع الحى كالراح شبتها ... بماء فما تخشى جفاء ولانفرا
وكالفرقدين الطالعين تآلفا ... وصاحبى الملك الَّذي نادم الشعرى
أصابتهم عين الكمال فغادرت ... أكفهم من كل ما جمعت صفرا