للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا

ــ

تعالى ({إِنَّ اللَّهَ}) سبحانه وتعالى ({عِنْدَهُ}) لا عند غيره ({عِلْمُ}) وقت قيام ({السَّاعَةِ}) أي القيامة، قال الفراء: إن معنى هذا الكلام النفي أي ما يعلمه أحد إلا الله عزَّ وجلَّ والساعة جزء من أجزاء الجديدين سميت بها القيامة لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا أي عنده تعالى علم وقت قيام الساعة وما يتبعه من الأحوال والأهوال فهو متفرد بعلمه فلا يعلمه أحد سواه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل كما قال تعالى {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلا هُوَ} فلا يدري أحد في أي سنة وفي أي شهر وفي أي ساعة من ساعات الليل والنهار تقوم الساعة اهـ من "حدائق الروح والريحان".

وجملة قوله {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} معطوفة على ما يقتضيه الظرف في قوله (عنده علم الساعة) من الفعل تقديره إن الله سبحانه يثبت عنده علم الساعة وينزل الغيث، بالتشديد والتخفيف قرائتان سبعيتان وهذا من حيث ظاهر التركيب وأما من حيث المعنى فهو معطوف على الساعة فيكون العلم مسلطًا عليه أي وعنده علم وقت نزول الغيث وسمي المطر غيثًا لأنه غياث الخلق به رزقهم وعليه بقاؤهم والغيث مخصوص بالمطر النافع والمعنى أي وينزل الغيث في زمانه الذي قدره من غير تقديم ولا تأخير إلى محله الذي عينه في علمه من غير خطأ ولا تبديل فهو منفرد بعلم زمانه ومكانه وعدد قطراته، روي مرفوعًا "ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا السماء تمطر فيها يصرفه الله تعالى حيث يشاء" وفي الحديث "ما سنة بأمطر من أخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك إلى غيرهم فإذا عصوا جميعًا صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار" فمن أراد استجلاب الرحمة فعليه بالتوبة والندامة والتضرع إلى قاضي الحاجات بأخلص المناجاة.

({وَيَعْلَمُ}) سبحانه وتعالى ({مَا فِي الْأَرْحَامِ}) أي ما في أرحام النساء من الجنين أي يعلم ذاته أذكر أم أنثى حي أم ميت وصفاته أتام الخلق أم ناقصه حسن أم قبيح أحمر أم أسود سعيد أم شقي.

أي يعلم أوصافه في حالة كونه نطفة قبل تمام خلقه وما يعرفه الناس الآن بالعلم الحديث فبعد تمام خلقه والأرحام جمع رحم بيت منبت الولد ووعاؤه ({وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ}) من النفوس وما تعرف ({مَاذَا}) أي أي شيء ({تَكْسِبُ}) وتفعل ({غَدًا}) أي

<<  <  ج: ص:  >  >>