"عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذِّئْبُ، فذهب بابن إحداهما، فقالت صاحبتها إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكما"؛ أي: ترافعا الأمر.
"إلى داود": للحُكْم.
"فقضى به"؛ أي: حَكَم بالابن.
"للكُبْرَى، فخرجتا" من عند داود، ودخلتا "على سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام فأخبرتاه" ما حكم داود بذلك، فألهمه الله تعالى بما كان محرِّكا للرحمة والمحبة البعضية.
"فقال: ائتوني بالسِّكين أشقُّه بينكما، فقالَتْ الصغرى" خوفاً على ذهاب روح الابن: "لا تفعل": يا نبيَّ الله. "يرحمك الله، هو ابنها، فقضى به"؛ أي: حَكَمَ سليمان بالابن "للصغرى": لوجود هذه القرينة المعيِّنة لها، وهي الرِّقة والشفقة.
اعلم أن قضاءهما كان حقًّا بالاجتهاد، وكان مُسْتَنَدُ حكمهما في هذه القضية نفس القرينة، لكنَّ قرينة سليمان أقوى من حيث الظاهر.
قيل: يحتمل أن قرائن الأحوال كانت في شرعهم بمثابة البيِّنة فلذا حكموا بها.
٤٤٤٨ - عَنْ أَبي هُريرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قالَ سُلَيْمانُ صلَواتُ الله عليهِ: لأَطوفَنَّ اللَّيلةَ عَلَى تِسعِيْنَ اَمرأةً - وفي رِوَايَةٍ: على مِئَةِ امرأةٍ - كُلُّهنَّ تأتِي بِفارِسٍ يُجاهِدُ في سَبيلِ الله، فَقَالَ لهُ المَلَكُ: قُلْ: إنْ شاءَ الله، فلم يقُلْ ونَسِيَ، فَطَافَ عليهِنَّ، فلم تحمِلْ منهُنَّ إلَّا امرأة واحِدةٌ جَاءَتْ بشِقِّ رَجُلٍ،