"كأنه من رجال شَنُوْءَة، ورأيت عيسى عليه السلام رَبْعَة"؛ أي: مَرْبُوْعَ القامة لا طويل ولا قصير، وأنَّث على تأويل النفس.
"أحمر، كأنما خرج من ديماس" بفتح الدال وكسرها؛ "يعني: الحَمَّام، ورأيت إبراهيم، وأنا أَشْبَهُ وَلَدِه به، قال: وأُوْبيْتُ لإناءَيْنِ أحدهما لَبن، والآخر فيه خَمرٌ": فيه إشعارٌ بأن اللَّبن كان أكْثر من الخمر.
"فقيل في: خُذْ أيهما شِئْتَ، فأخذْتُ اللبن فشربته، فقيل لي: هُدِيْتَ الفِطْرَةَ"؛ أي: التي فُطِرَ الناس عليها، وفي هذا القول له عند أخذ اللبن لطف ومناسبة، فإن اللبن لما كان في العالم الحسِّي ذا خلوص وبياض، وأول ما يحصل به تربية المولود صيغ في عالم القدسي مثال الهداية والفطرة التي يتمُّ بها تربية القوة الروحانية؛ لأن العالم القدسي قد تُصاغ فيه الصور من العالم الحسي لإدراك المعاني.
"أَمَا": كلمة تنبيه.
"إنَّك" بكسر الهمزة "لو أخذت الخمر": بدل اللبن.
"غَوَتْ"؛ أي: ضَلَّتْ.
"أمتك": فإن الخمر لكونه ذات تَلَفٍ (١) ومفسدة صيغ منها مثال الغواية، وما يفسد القوة الروحانية.
٤٤٤٥ - عَنِ ابن عبَّاسِ قَالَ: سِرْنا معَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بينَ مكَّةَ والمَدِينَةِ، فَمَرَزنا بِوادٍ فَقَالَ:"أيُّ وادٍ هذَا؟ " فَقَالوا وَادِي الأَزْرَقِ، قَالَ: "كأنّي أنظُرُ إلى موسَى، فذكرَ منْ لونهِ وشَعره شَيْئاً، واضعًا أُصبُعَيْهِ في أُذُنيهِ، لَهُ جُؤارٌ إلى الله