النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما حكم لمعاذ لكونه الذي أثَّر في قتله لما رأى عمق الجناية في سيفه، وقال:"كلاكما قتله". تطييبًا لنفس صاحبه. وقال الشافعي: يستحق القاتل السلب بشرط أن يقتل كافرًا متمنعًا في حال القتال، والأصح أنه يستحقه من لا يسهم له بم كالمرأة والصبي والعبد كغيرهم. وعن مالك: لا يستحقه إلا من يسهم له. واشترط الأوزاعي والشاميون أن يكون قتله قبل التحام القتال، واشترط الجمهور أن يكون المقتول من المقاتلة، لا إذا كان امرأة أو صبيًّا يجوز قتلهما، وقال [أبو ثور](أ) وابن المنذر: لا يشترط.
واختلفوا في تخميس السلب؛ وللشافعي قولان، الصحيح منهما عند أصحابه أنه لا يخمس، وهو ظاهر الأحاديث، وبه قال أحمد، وابن جرير، وابن المنذر، وآخرون، وقال مالك، ومكحول، والأوزاعي: يخمس. وهو قول ضعيف للشافعي، وقال عمر بن الخطاب وإسحاق بن راهويه: يخمس إذا كثر. وعن مالك رواية أن الإمام بالخيار، واختارها إسماعيل القاضي. وجاء في حديث "من قتل قتيلًا له عليه بينة فله سلبه"(١). فيه تصريح بأنه لا يقبل قوله من دون بينة، وقد ذهب إلى هذا الليث والشافعي ومن وافقهما من المالكية وغيرهم. وقال مالك والأوزاعي: يعطاه بقوله بلا بينة. قالا: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الرواية قبل قول واحد ولم يحلفه، فلو كان يحتاج إلى بينة لما كفى قول واحد. وقد يُجاب عنه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم القاتل بطريق من الطرق مع تصريحه بذكر البينة، ولعله يقال: إن في هذه القصة