للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

مصلحة، وذهب أبو حنيفة إلى أنَّه يتصدق بها إذا كان غنيًّا، فإن جاء صاحبها خيّر بين إمضاء الصدقة أو تغريمه. قال صاحب "الهداية" من الحنفية (١): إلا إذا كان بأمر الإمام، فيجوز للغني كما في قصة أبي بن كعب. وبهذا قال عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وغيرهم من الصحابة والتابعين.

واعلم أن الأحاديث تعارضت في ذلك، فقد جاء في مسلم (٢): "ثم عرفها سنة، فإن لم يجئ صاحبها كانت وديعة عندك". وفي الرواية الأخرى (٣): "ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف استنفقتها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يومًا من الدهر فأدها إليه". ويمكن الجمع بينها بأن المعنى من كونها وديعة بعد السنة هو إذا لم يتملكها وبقيت عينها، فإنها إذا تلفت بغير تفريطه لا ضمان فيها، وفي الرواية الثانية أن لها بعد الاستنفاق حكم الوديعة في وجوب ضمانها وأدائها إلى صاحبها، وأن حقه لا ينقطع منها وإن تلفت ولو تملكها، وصريح في ذلك رواية أبي داود (٤) بلفظ: "فإن جاء باغيها فأدها إليه، وإلا فاعرف عفاصها ووكاءها ثم كلها، فإن جاء باغيها فأدها إليه". فأمر بأدائها إليه بعد الإذن في أكلها. وفي رواية أيضًا لأبي داود (٥) في حديث زيد بن خالد: "فإن جاء صاحبها دفعتها إليه، وإلا عرفت وكاءها وعفاصها، ثم أفِضْها في مالك، فإن جاء صاحبها فادفعها إليه". و"أَفِضْها"


(١) الهداية ٦/ ١٣١، ١٣٢.
(٢) مسلم ٣/ ١٣٤٩ ح ١٧٢٢/ ٤.
(٣) مسلم ٣/ ١٣٤٩ ح ١٧٢٢/ ٥.
(٤) أبو داود ٢/ ١٣٩ ح ١٧٠٦.
(٥) أبو داود ٢/ ١٣٩ ح ١٧٠٧.