للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

أقرب المجازين؛ لقربه من الحقيقة، لتحقق قيام الفاعل بالوصف، وفي المستقبل مجاز بعيد، فالحمل على القريب عند تعذر الحقيقة هو الأولى.

وقال بعضهم: العمل بظاهر الحديث متعذر فيتعين التأويل؛ وذلك لأن المتبايعين إن اتفقا في الفسخ أو الإمضاء لم يثبت لواحد منهما على الآخر خيار، وإن اختلفا فالجمع بين الفسخ والإمضاء جمع بين النقيضين وهو مستحيل. وأجيب بأن الخيار إنما هو في الفسخ، وأما الإمضاء فلا حاجة إلى اختياره فإنه مقتضى العقد مع السكوت.

وقال بعضهم: هذا الحديث معارض بحديث ابن عمرو؛ أخرجه أبو داود مرفوعًا (١): "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله". فإن قوله: "أن يستقيله". يدل على نفوذ البيع وأن تُؤول الاستقالة بالفسخ، فللمعترض أن يتأول قوله: "بالخيار". أي: بالاستقالة. فإذا تعارض التأويلان رجع إلى الترجيح. ويرد عليه بأن الترجيح مع المثبت لخيار المجلس؛ وذلك لأن حمل الاستقالة على الفسخ أوضح من حمل الخيار على الاستقالة؛ لأنه لو كان المراد بها الاستقالة حقيقة لم يكن للمفارقة معنى، فتعين حملها على الفسخ، وعلى ذلك حمله الترمذي وغيره من العلماء؛ فقالوا (٢): معناه: لا يحل له أن يفارقه بعد البيع خشية أن يختار فسخ البيع (أ)، فالمراد بالاستقالة فسخ النادم. وحملوا نفي الحل على الكراهة؛ لأنه لا يليق [بالمروءة] (ب) وحسن معاشرة


(أ) في جـ: المبيع.
(ب) في الأصل: في المروءة.