للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فركبه من ذلك اليوم، وصار يعرف براكب الحمار، وكان قصيرا أعرج يلبس جبة صوف قصيرة، وكان قبيح الصورة.

ثم إنه هزم كتامة، وافتتح سبتية (١)، وصلب عاملها، وفتح مدينة الأربس (٢)، وأحرقها ونهبها، والتجأ الناس إلى الجامع فقتلهم فيه، وبلغ ذلك أهل المهدية فاستعظموه، وقالوا للقائم: «الأربس باب إفريقية، ولما أخذت زالت دولة بنى الأغلب»، فقال: «لا بد أن يبلغ أبو يزيد المصلى، وهى أقصى غايته».

وأخرج القائم الجيوش لضبط البلاد، وجمع العساكر، وبعث جيشا مع فتاه ميسور، وجيشا مع فتاه بشرى، فسار أبو يزيد وواقع بشرى على باجة، فانهزم أبو يزيد، وصار فى أربعمائة، فمال إلى خيام بشرى وانتهبها، فانهزم بشرى إلى تونس وقتل كثير من عسكره، وملك أبو يزيد باجة، وحرقها، ونهبها، وقتل الأطفال، وأخذ النساء، وكتب إلى القبائل يدعوهم إلى نفسه فأتوه، وعمل الأخبية (٣) والبنود (٤) وآلات الحرب.

وجمع بشرى جيشا وأنفذه إلى أبى يزيد، فسير إليهم أبو يزيد جيشا، والتقوا، وانهزم أصحاب أبى يزيد.

وكانت فتنة بتونس، وهرب عاملها، وكاتبوا أبا يزيد فأمّنهم، وولى عليهم رجلا منهم، فخافه الناس، وانتقلوا إلى القيروان، وأتاه كثير منهم، ثم لقيه بشرى، فانهزم عسكر أبى يزيد، وقتل منهم أربعة آلاف، وأسر خمسمائة، وبعث بهم إلى المهدية فى السلاسل، فقتلهم العامة.

فغضب لذلك أبو يزيد، وجمع الجموع.


(١) ج: «سبيبة».
(٢) ذكر ياقوت أن الأربس مدينة وكورة بافريقية بينها وبين القيروان ثلاثة أيام من جهة المغرب، وقال البكرى: الأربس مدينة مسورة لها ربض كبير، واليها سار ابراهيم بن الأغلب حين خرج من القيروان سنة ٢٩٦. انظر أيضا: (ياقوت: معجم البلدان).
(٣) جاء فى القاموس: «الخباء من الابنية يكون من وبر أو صوف أو شعر
(٤) البند - العلم الكبير.