وأمَّا القسم الثاني ــ وهو أن يُؤَوَّل بما لا تفضيل فيه البتة ويصير كاسم الفاعل أو الصفة المشبهة ــ فهذا شيء ذهب إليه المتأخرون، واستدلُّوا على صحة ذلك بقولِه تعالى {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الارض}، وقوله تعالى {وهو أهون عليه} وقولِ الشاعر:
إنَّ الذي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا ... بَيتًا، دَعائمُهُ أَعَزُّ وأَطْوَلُ
وقولِ الآخر:
وإنْ مُدَّتِ ... الأَيدي إلى الزادِ لم أَكُنْ ... بأَعْجَلِهِمْ؛ إذْ أَجْشَعُ القَومِ أعْجَلُ
قالوا: التقدير: هو عالمٌ بكم؛ إذ لا مشارك لله في علمه بذلك، وهو هَيِّن عليه؛ إذ لا تَفاوُتَ في نسب المقدورات إلى قدرته، ودعائمُه طويلةٌ عزيزة، ولم أكن عَجِلاً، ولم يُرِدْ: لم أكنْ أَكثَرَهم عَجَلةً؛ لأنَّ قَصْد ذلك يستلزم ثبوت العجلة غير الفائقة، وليس غرضه إلا المدح بنفيِ العجلة قليلها وكثيرها. وأنشدوا أيضًا: