الذي أريد أن آكل فيه. لذلك أهرب من الدعوات، ولا أنصح أحداً أن يفعل فعلي.
وهذا كله في الولائم الرسمية والدعوات التي يُتكلَّف لها ويُحتفَل بها، أما أن أكون عند صديق لا أحتشمه فيحين موعد الطعام فيأتي بما تيسّر، أو يكون عندي فأقدّم له ما حضر، فهذا من باب آخر. ومن هذا الباب الآخر كان عشاؤنا أنا والمدير عند أخينا منير، ولمّا قُضي العشاء اقترح أن نزور «قائم المقام»، أي الرئيس الإداري للمنطقة. والتقسيمات الإدارية عندنا هي:«الناحية»، ويتألف «القضاء» من عدد من النواحي ويكون رئيسه قائم المقام (ويدعونه القائمْقَام) وهو تعبير عثماني، وتتألف «المحافظة» من عدد من الأقضية ورئيسها «المحافظ».
وفي القضاء محكمة شرعية فيها قاضٍ شرعي تنظر في دعاوى الأحوال الشخصية، ومحكمة صلح فيها حاكم صلحتنظر في القضايا الأخرى (الصغيرة منها)، ودائرة مالية فيها «مديرمال»، ودائرة عقارية ودائرة صِحّية، وضابط الأحوال المدنية (ويسمّونه مأمور النفوس)، ومخفر للدرك يقوم عليه ضابط يأتمر بأمر قائم المقام، والمفتي وموظف الأوقاف وموظف الزراعة والمصرف الزراعي، كلٌّ يتبع وزارته. ولقائم المقام الإشراف العام.
وأفهمني بأن زيارة الموظف الجديد لقائم المقام أمر متعارف لا بد منه وهو «تقليد رسمي»، فذهبنا إليه في بيته. وكان أميراً من أمراء المنطقة وقوراً مهيباً ليس على شيء من العلم ولكنه مهذب الطبع، فاستقبلني مرحّباً وقال بأنه كان يسمع بي ويقرأ مقالاتي ويتابع أخباري، وكان عليّ أن أصدّقه أو أن أظهر أني