فَإِنَّ مَا تَطْلُبُهُ النُّفُوسُ فِيهِ لَهَا لَذَّةٌ، يَجْعَلُ خَيْرًا بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ، لَكِنْ إِذَا كَانَ الْأَلَمُ زَائِدًا عَلَى اللَّذَّةِ كَانَ شَرُّهُ أَعْظَمَ مِنْ خَيْرِهِ. وَالشَّرَائِعُ جَاءَتْ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا، فَهِيَ تَأْمُرُ بِمَا تَتَرَجَّحُ مَصْلَحَتُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَفْسَدَةٌ مَرْجُوحَةٌ كَالْجِهَادِ، وَتَنْهَى عَمَّا تَرَجَّحَتْ مَفْسَدَتُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ مَرْجُوحَةٌ كَتَنَاوُلِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ الْخَمْرِ وَغَيْرِهِ. وَلِهَذَا أَمَرَ تَعَالَى أَنْ نَأْخُذَ بِأَحْسَنِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا. فَالْأَحْسَنُ: إِمَّا وَاجِبٌ وَإِمَّا مُسْتَحَبٌّ، قَالَ تَعَالَى: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} [الأعراف: ١٤٥] وَقَالَ: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر: ٥٥] فَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ الْأَحْسَنِ وَالْأَخْذِ بِهِ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَبَشِّرْ عِبَادِي الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ} [الزمر: ١٧] فَاقْتَضَى أَنَّ غَيْرَهُمْ لَمْ يَهْدِهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْأَخْذِ بِالْأَحْسَنِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute