للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِمَّا مُسَالِمُونَ لَهُ بِالْعَهْدِ وَالذِّمَّةِ وَالْهُدْنَةِ - وَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالْهُدْنَةِ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ - وَإِمَّا خَائِفُونَ مِنْ أُمَّتِهِ.

وَحَيْثُ كَانَ الْوَاحِدُ وَالطَّائِفَةُ مِنْ أُمَّتِهِ مُتَمَسِّكًا بِدِينِهِ، كَانَ نُورُهُ ظَاهِرًا وَبُرْهَانُهُ بَاهِرًا مُعَظَّمًا مَنْصُورًا، يُعْرَفُ فَضْلُهُ عَلَى كُلِّ مَنْ سِوَاهُ.

وَهَذَا أَمْرٌ يَعْرِفُهُ النَّاسُ فِي أَرْضِ الْكُفَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِمَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمَّتَهُ مِنَ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ. وَقَدْ أَظْهَرُوا دِينَ الرَّبِّ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا بِالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. فَهَلْ يَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ وَعَدْلٌ: إِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إِرْسَالِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِمَا عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ عَنْ رِسَالَتِهِ؟ !

الْوَجْهُ التَّاسِعُ: أَنْ يُقَالَ: هُمْ مُعْتَرِفُونَ بِانْتِفَاعِ الْمُشْرِكِينَ بِهِ غَايَةَ الِانْتِفَاعِ، فَإِنَّهُ أَقَامَ تَوْحِيدَ اللَّهِ وَدِينَهُ فِيهِمْ، وَأَنَّهُ عَظَّمَ الْمَسِيحَ. وَرَدَّ عَلَى الْيَهُودِ قَوْلَهُمْ فِيهِ وَأَهَانَهُمْ وَحِينَئِذٍ فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْفَوَائِدِ وَأَجَلِّ الْمَقَاصِدِ وَأَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، ثُمَّ هُوَ - مَعَ ذَلِكَ - قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>