للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ النَّاسُ حِينَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِمَّا أُمِّيِّينَ، لَا كِتَابَ لَهُمْ، يُشْرِكُونَ بِالرَّحْمَنِ، وَيَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ، وَإِمَّا أَهْلُ كِتَابٍ قَدْ بَدَّلُوا مَعَانِيَهُ وَأَحْكَامَهُ وَحَرَّفُوا حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ وَلَبَّسُوا حَقَّهُ بِبَاطِلِهِ، كَمَا هُوَ الْمَوْجُودُ. فَلَوْ أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُمَيِّزَ لَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ مَا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِمَّا أَحْدَثُوهُ بَعْدَهُمْ، لَمْ يَعْرِفْ جُمْهُورُهُمْ ذَلِكَ، بَلْ قَدْ صَارَ الْجَمِيعُ عِنْدَهُمْ دِينًا وَاحِدًا.

فَبَعَثَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - مُحَمَّدًا بِالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا، فَمَيَّزَ بِهِ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ وَالْهُدَى مِنَ الضَّلَالِ وَالْغَيَّ مِنَ الرَّشَادِ. قَالَ - تَعَالَى -:

{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ - يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ - لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: ١٥ - ١٧] .

<<  <  ج: ص:  >  >>