قَدْ بَسَطْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَهُمْ يُكَفِّرُونَ مِنْ يَقُولُ ذَلِكَ، وَيَحْتَجُّونَ بِالْعَقْلِ عَلَى فَسَادِهِ.
وَإِذَا قَالَ: (هَذَا فَوْقَ الْعَقْلِ) لَمْ يَقْبَلُوهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ طَوَائِفِهِمُ احْتَجَّتْ عَلَى الْأُخْرَى بِالْعَقْلِ، وَإِذَا قَالُوا: (قَوْلُنَا فَوْقَ الْعَقْلِ) لَمْ يَقْبَلُوا هَذَا الْجَوَابَ.
فَإِنْ كَانَ هَذَا جَوَابًا صَحِيحًا، فَيَجِبُ أَنْ لَا يُبْحَثَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْإِلَهِيَّاتِ بِالْعَقْلِ، بَلْ يَقُولُ كُلُّ مُبْطِلٍ مَا شَاءَ مِنَ الْبَاطِلِ، وَيَقُولُ: كَلَامِي فَوْقَ الْعَقْلِ، كَمَا يَقُولُ أَصْحَابُ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ وَالْوَحْدَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ وُجُودَ الْخَالِقِ وُجُودُ الْمَخْلُوقِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا فَوْقَ الْعَقْلِ، وَإِنَّهُ يُعْلَمُ بِالذَّوْقِ لَا بِالسَّمْعِ وَلَا بِالْعَقْلِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: مَا يَعْجِزُ الْعَقْلُ عَنْ تَصَوُّرِهِ إِذَا أَخْبَرَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - قُبِلَ مِنْهُمْ ; لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ مَا يَعْجِزُ غَيْرُهُمْ مِنْ مَعْرِفَتِهِ.
وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ لَمْ يَقُلِ الْأَنْبِيَاءُ شَيْئًا مِنْهَا، بَلْ نَفْسُ فِرَقِ النَّصَارَى قَالُوهَا بِآرَائِهِمْ، وَزَعَمُوا أَنَّهُمُ اسْتَنْبَطُوهَا مِنْ بَعْضِ أَلْفَاظِ الْكُتُبِ.
فَيُقَالُ لِمَنْ قَالَهَا مِنْهُمْ: أَنْتَ تَتَصَوَّرُ مَا تَقُولُ، أَمْ لَا تَتَصَوَّرُهُ وَتَفْهَمُهُ وَتَعْقِلُهُ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute