للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ تَقَدَّمَ الِاسْتِشْهَادُ بِهِ. وَيُقَالُ: لَمْ تَبْقَ لِي عِنْدَهُ عُلْقةٌ أَي شيءٌ. والعَلاقةُ: مَا يُتبلغ بِهِ مِنَ عَيْشٍ. والعُلْقةُ والعَلاقُ: مَا فِيهِ بُلْغة مِنَ الطَّعَامِ إِلى وَقْتِ الْغِذَاءِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا يأْكل فُلَانٌ إِلا عُلْقَةً أَي مَا يُمْسِكُ نَفْسَهُ مِنَ الطَّعَامِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

وتَجْتَزِئُ بالعُلْقَةِ

أَي تَكْتَفِي بالبُلْغةِ مِنَ الطَّعَامِ. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:

وإِنما يأْكلْنَ العُلْقةَ مِنَ الطَّعَامِ.

قَالَ الأَزهري: والعُلْقةُ مِنَ الطَّعَامِ والمركبِ مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ وإِن لَمْ يَكُنْ تَامًّا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: ارْضَ مِنَ المَرْكب بالتَّعْلِيقِ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يُؤْمَرُ بأَن يَقْنَعَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ دُونَ تَمَامِهَا كَالرَّاكِبِ عَلِيقةً مِنَ الإِبل سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ؛ وَيُقَالُ: هَذَا الْكَلَامُ لَنَا فِيهِ عُلْقةٌ أَيْ بُلْغَةٌ، وَعِنْدَهُمْ عُلْقةٌ مِنْ مَتَاعِهِمْ أَي بَقِيَّةٌ. وعَلَقَ عَلاقاً وعَلوقاً: أَكل، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْجَحْدِ، يُقَالُ: مَا ذُقْتُ عَلاقاً وَلَا عَلوقاً. وَمَا فِي الأَرض عَلاقٌ وَلَا لَماقٌ أَي مَا فِيهَا مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ مِنَ عَيْشٍ، وَيُقَالُ: مَا فِيهَا مَرْتَع؛ قَالَ الأَعشى:

وفَلاة كأَنّها ظَهْرُ تُرْسٍ، ... ليسَ إِلا الرَّجِيعَ فِيهَا عَلاقُ

الرَّجِيعُ: الجِرَّةُ؛ يَقُولُ لَا تَجِدُ الإِبل فِيهَا عَلاقاً إِلا مَا تردُّه مِنْ جِرَّتها. وَفِي الْمَثَلِ: لَيْسَ المُتَعَلِّق كالمُتَأَنِّق؛ يُرِيدُ لَيْسَ مَنْ عَيشُه قَلِيلٌ يَتَعَلَّق بِهِ كَمَنْ عَيْشُهُ كَثِيرٌ يَخْتَارُ مِنْهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَيْسَ مَنْ يَتَبَلَّغ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ كَمَنْ يتأَنَّق يأْكل مَا يَشَاءُ. وَمَا بِالنَّاقَةِ عَلُوق أَي شَيْءٌ مِنَ اللَّبَنِ. وَمَا تَرَكَ الْحَالِبُ بِالنَّاقَةِ عَلاقاً إِذا لَمْ يَدَعْ فِي ضَرْعِهَا شَيْئًا. والبَهْمُ تَعْلُق مِنَ الوَرَق: تُصِيبُ، وَكَذَلِكَ الطَّيْرُ مِنَ الثَّمَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَرواح الشُّهَدَاءِ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ

؛ قَالَ الأَصمعي: تَعْلُق أَي تَناوَل بأَفواهها، يُقَالُ: عَلَقَتْ تَعْلُق عُلوقاً؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ يَصِفُ نَاقَتَهُ:

أَو فَوْقَ طاوِيةِ الحَشَى رَمْلِيَّة، ... إِنْ تَدْنُ مِنْ فَنَن الأَلاءَةِ تَعْلُق

يَقُولُ: كأَن قُتُودي فَوْقَ بَقَرَةٍ وَحْشِيَّةٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ فِي الأَصل للإِبل إِذا أَكلت العِضاهَ فَنَقَلَ إِلى الطَّيْرِ، وَرَوَاهُ الْفَرَّاءُ عَنِ الدُّبَيْرِيِّينَ تَعْلَق مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلْق أَكل الْبَهَائِمِ وَرَقَ الشَّجَرِ، عَلَقَتْ تَعْلُق عَلْقاً. وَالصَّبِيُّ يَعْلُقُ: يَمُصُّ أَصابعه. والعَلوقُ: مَا تَعْلُقه الإِبل أَي تَرْعَاهُ، وَقِيلَ هُوَ نَبْتٌ؛ قَالَ الأَعشى:

هُوَ الوَاهِبُ الْمِائَةِ المُصْطَفاة، ... لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارَا

أَي حَسَّنَ النبْتُ أَلوانها؛ وَقِيلَ: إِنه يَقُولُ رَعَيْنَ العَلُوقَ حِينَ لَاطَ بِهِنَّ الِاحْمِرَارُ مِنَ السِّمَن والخِصْب؛ وَيُقَالُ: أَراد بالعَلُوق الْوَلَدَ فِي بَطْنِهَا، وأَراد بِالِاحْمِرَارِ حُسْنَ لَوْنِهَا عِنْدَ اللَّقْحِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: العَلُوق ماءُ الْفَحْلِ لأَن الإِبل إِذا عَلِقَتْ وَعَقَدَتْ عَلَى الْمَاءِ انْقَلَبَتْ أَلوانها واحْمَرَّت، فَكَانَتْ أَنْفَسَ لَهَا فِي نَفْسِ صَاحِبِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ الَّذِي فِي شِعْرِ الأَعشى:

بأَجْوَدَ مِنْهُ بِأُدْمِ الرِّكابِ، ... لاطَ العَلوقُ بِهِنَّ احْمِرَارَا

قَالَ: وَذَلِكَ أَن الإِبل إِذا سَمِنَتْ صَارَ الآدمُ مِنْهَا أصْهبَ والأَصْهبُ أَحمر؛ وأَما عَجُزُ الْبَيْتِ الَّذِي صَدْرُهُ:

هُوَ الواهبُ الْمِائَةَ المُصْطَفاة، ... لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارا

<<  <  ج: ص:  >  >>