وَقِيلَ: هُوَ كَرَاهَةُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ أَن يَسْتَحِقَّ الْكَرَاهِيَةَ. بَطِرَ بَطَراً، فَهُوَ بَطِرٌ. والبَطَرُ: الأَشَر، وَهُوَ شِدَّةُ المَرَح. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلى مَنْ جرَّ إِزَارَه بَطَراً
؛ البَطَر: الطُّغْيَانُ عِنْدَ النِّعْمَةِ وَطُولِ الْغِنَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
الكِبْرُ بَطَرُ الحَقّ
؛ هُوَ أَن يَجْعَلَ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ حَقًّا مِنْ تَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ بَاطِلًا، وقيل: هو أَن يتخير عِنْدَ الْحَقِّ فَلَا يَرَاهُ حَقًّا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَتَكَبَّرَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَقْبَلَهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها
؛ أَراد بَطِرت فِي مَعِيشَتِهَا فَحَذَفَ وأَوصل؛ قَالَ أَبو إِسحاق: نَصَبَ مَعِيشَتَهَا بِإِسْقَاطِ فِي وَعَمَلِ الْفِعْلِ، وتأْويله بَطِرَتْ فِي مَعِيشَتِهَا. وبَطِرَ الرجلُ وبَهِتَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: البَطَرُ كالحَيْرَة والدَّهَشِ، والبَطَرُ كالأَشَرِ وغَمْطِ النِّعْمَةِ. وبَطِرَ، بِالْكَسْرِ، يَبْطَرُ وأَبْطَرَه المالُ وبَطِرَ بالأَمر: ثَقُل بِهِ ودَهِشَ فَلَمْ يَدْرِ مَا يُقَدِّم وَلَا مَا يُؤَخِّرُ. وأَبْطَرَه حِلْمَهُ: أَدْهَشَهُ وبَهَتَهُ عَنْهُ. وأَبْطَرَه ذَرْعَهُ: حَمَّلَهُ فَوْقَ مَا يُطيق، وَقِيلَ: قَطَعَ عَلَيْهِ مَعَاشَهُ وأَبْلَى بَدَنَه؛ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي، وَزَعَمَ أَن الذَّرْعَ البَدَنُ، وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ القَطُوفِ إِذا جَارَى بَعِيرًا وَسَاعَ الخطْوِ فَقَصُرَتْ خُطاه عَنْ مُباراته: قَدْ أَبْطَرَه ذَرْعَهُ أَي حَمَّلَهُ أَكثر مِنْ طَوْقِه؛ والهُبَعُ إِذا مَاشَى الرُّبَعَ أَبْطَرَه ذَرْعَه فَهَبَعَ أَي اسْتَعَانَ بِعُنُقه ليَلْحَقَهُ. وَيُقَالُ لِكُلِّ مَنْ أَرْهَقَ إِنساناً فحمَّلَه مَا لَا يُطِيقُهُ: قَدْ أَبْطَرَه ذَرْعَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّه قَالَ: الكِبْرُ بَطَرُ الحقِّ وغَمْصُ النَّاس
؛ وبَطَرُ الحقِّ أَن لَا يَرَاهُ حَقًّا وَيَتَكَبَّرُ عَنْ قَبُولِهِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ: بَطِرَ فلانٌ هَدْيَةَ [هِدْيَةَ] أَمْرِه إِذا لَمْ يَهْتَدِ لَهُ وَجَهِلَهُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ؛ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ ذَهَبَ دَمُهُ بِطْراً وبِطْلًا وفِرْغاً إِذا بَطَلَ، فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ بَطْرُ الحقِّ أَن يَرَاهُ بَاطِلًا، وَمِنْ جَعْلِهِ مِنْ قَوْلِكَ بَطِرَ إِذا تَحَيَّرَ ودَهِشَ، أَراد أَنه تَحَيَّرَ فِي الْحَقِّ فَلَا يَرَاهُ حَقًّا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: البَطَرُ الطُّغْيَانُ عِنْدَ النِّعْمَةِ. وبَطَرُ الحقِّ عَلَى قَوْلِهِ: أَن يَطْغَى عِنْدَ الْحَقِّ أَي يَتَكَبَّرَ فَلَا يَقْبَلُهُ. وبَطِرَ النِّعْمَةَ بَطَراً، فَهُوَ بَطِرٌ: لَمْ يَشْكُرْهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: بَطِرَتْ مَعِيشَتَها
. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَطِرْتَ عَيْشَك لَيْسَ عَلَى التَّعَدِّي وَلَكِنْ عَلَى قَوْلِهِمْ: أَلِمْتَ بَطْنَك ورَشِدْتَ أَمْرَكَ وسَفِهْتَ نَفْسَك وَنَحْوَهَا مِمَّا لَفَظُهُ لَفْظِ الْفَاعِلِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الْمَفْعُولِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: وأَوقعت الْعَرَبُ هَذِهِ الأَفعال عَلَى هَذِهِ الْمَعَارِفِ الَّتِي خَرَجَتْ مُفَسَّرَةً لِتَحْوِيلِ الْفِعْلِ عَنْهَا وَهُوَ لَهَا، وإِنما الْمَعْنَى بَطِرَتْ مَعِيشَتُها وَكَذَلِكَ أَخواتها، وَيُقَالُ: لَا يُبْطِرَنَّ جهلُ فُلَانٍ حلْمَكَ أَي لَا يُدْهِشْكَ عَنْهُ. وذهب دَمُه بَطْراً [بِطْراً] أَي هَدَراً؛ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: أَصله أَن يَكُونَ طُلَّابُه حُرَّاصاً بِاقْتِدَارٍ وبَطَر فَيُحَرِّمُوا إِدراك الثَّأْر. الْجَوْهَرِيُّ: وَذَهَبَ دَمُهُ بِطْراً، بِالْكَسْرِ، أَي هَدَراً. وبَطَرَ الشيءَ يَبْطُرُه ويَبْطِرُه بَطْراً، فَهُوَ مَبْطُورٌ وَبِطَيْرٌ: شَقَّهُ. والبَطْرُ: الشَّقُّ؛ وَبِهِ سُمِّي البَيْطارُ بَيْطاراً والبَطِيرُ والبَيْطَرُ والبَيْطارُ والبِيَطْرُ، مِثْلَ هِزَبْرٍ، والمُبَيْطِرُ، مُعالجُ الدوابِّ: مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
يُساقِطُها تَتْرَى بِكُلِّ خَميلَةٍ، ... كبَزْغِ الِبيَطْرِ الثِّقْفِ رَهْصَ الكَوادِنِ
وَيُرْوَى البَطِير؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
شَكَّ الفَرِيصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَها، ... طَعْنَ المُبَيْطِرِ إِذْ يَشْفِي مِنَ العَضَد