مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الرُّومِيِّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْإِسْلَامِ: فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ فَرَحًا شَدِيدًا ; لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَقُولُونَ: سَحَرْنَاهُمْ حَتَّى لَا يُولَدَ لَهُمْ. وَأَخْرَجَ الْوَاقِدِيُّ ذَلِكَ بِسَنَدٍ لَهُ إِلَى سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَجَاءَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ نَحْوَهُ، وَيَرُدُّهُ أَنَّ هِجْرَةَ أَسْمَاءَ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ آلِ الصِّدِّيقِ كَانَتْ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ النَّبِيِّ ﷺ بِالْمَدِينَةِ، فَالْمَسَافَةُ قَرِيبَةٌ جِدًّا لَا تَحْتَمِلُ تَأَخُّرَ عِشْرِينَ شَهْرًا، بَلْ وَلَا عَشْرَةَ أَشْهُرٍ.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ) وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ خَالِدِ بِهَذَا السَّنَدِ وَلَفْظُهُ: أنَّهَا هَاجَرَتْ وَهِيَ حُبْلَى بِعَبْدِ اللَّهِ، فَوَضَعَتْهُ بِقُبَاءَ فَلَمْ تُرْضِعْهُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ نَحْوَهُ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ - أَيْ دَعَا لَهُ - وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنَ عَشَرَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الْمَعْنَى، هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ وَعَنْ خَالَتِهِ عَائِشَةَ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ كَمَا تَرَى، وَفِي رِوَايَةِ أَسْمَاءَ زِيَادَةٌ تَخْتَصُّ بِهَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِحَدِيثِ أَسْمَاءَ مُتَابِعًا وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْمُعَلَّقَةُ الَّتِي فَرَغْنَا مِنْهَا، وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مُتَابِعًا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ هِشَامٍ مُخْتَصَرًا نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامٍ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ عُرْوَةَ عَنْ أُمِّهِ وَخَالَتِهِ، وَلَفْظُهُ عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ قَالَا: خَرَجَتْ أَسْمَاءُ حِينَ هَاجَرَتْ وَهِيَ حُبْلَى بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ: فَقَدِمْتُ قُبَاءَ فَنُفِسْتُ بِهِ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِيُحَنِّكَهُ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَكَثْنَا سَاعَةً نَلْتَمِسُهَا قَبْلَ أَنْ نَجِدَهَا فَمَضَغَهَا .. الْحَدِيثَ، فَهَذَا الْحَدِيثَ فِيهِ الْبَيَانُ أَنَّهُ عِنْدَ عُرْوَةَ عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَزَادَ فِي آخِرِ هَذَا الطَّرِيقِ وَسَمَّاهُ عَبْدُ اللَّهِ، ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ لِيُبَايِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيْرُ، فَتَبَسَّمَ وَبَايَعَهُ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فَأَحْضَرَ زَوْجَتَهُ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَبِنْتَيْهِ فَاطِمَةَ وَأُمَّ كُلْثُومٍ وَأُمَّ أَيْمَنَ زَوْجَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَابْنَهَا أُسَامَةَ، وَخَرَجَ مَعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ أُمُّهُ أُمُّ رُومَانَ وَأُخْتَاهُ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ، فَقَدِمُوا وَالنَّبِيُّ ﷺ يَبْنِي مَسْجِدَهُ، وَمَجْمُوعُ هَذَا مَعَ قَوْلِهَا فَوَلَدَتْهُ بِقُبَاءَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وُلِدَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (أَتَوْا بِهِ). يُؤْخَذُ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ أُمَّهُ هِيَ الَّتِي أَتَتْ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا غَيْرُهَا كَزَوْجِهَا أَوْ أُخْتِهَا.
قَوْلُهُ: (فَلَاكَهَا) أَيْ مَضَغَهَا.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي فِيهِ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: ظَاهِرُهُ أَنَّ اللَّوْكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي فِيهِ، وَالَّذِي عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ اللَّوْكَ فِي الْفَمِ. قُلْتُ: وَهُوَ فَهْمٌ عَجِيبٌ، فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: فِي فِيهِ يَعُودُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ أَيْ لَاكَهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي فَمِهِ ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي فِي ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ وَاضِحٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهَا.
٣٩١١ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ، وَنَبِيُّ اللَّهِ ﷺ شَابٌّ لَا يُعْرَفُ، قَالَ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ، قَالَ: فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ، فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا، فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ، ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُرْنِي بِمَا شِئْتَ قَالَ: فَقِفْ مَكَانَكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute