للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَقَالَ: دَعُوا النَّاقَةَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ. فَبَرَكَتْ عَلَى بَابِ أَبِي أَيُّوبَ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ بِالْمَدِينَةِ) فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي أَنْزِلُ عَلَى أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَكْرَمَهُمْ بِذَلِكَ، وَعِنْدَ ابْنِ عَائِذٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَعِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَطَّافِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهَا اسْتَنَاخَتْ بِهِ أَوَّلًا فَجَاءَهُ نَاسٌ فَقَالُوا: الْمَنْزِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: دَعُوهَا. فَانْبَعَثَتْ حَتَّى اسْتَنَاخَتْ عِنْدَ مَوْضِعِ الْمِنْبَرِ مِنَ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ تَحَلْحَلَتْ فَنَزَلَ عَنْهَا فَأَتَاهُ أَبُو أَيُّوبَ فَقَالَ: إِنَّ مَنْزِلِي أَقْرَبُ الْمَنَازِلِ فَأْذَنْ لِي أَنْ أَنْقُلَ رَحْلَكَ. قَالَ: نَعَمْ. فَنَقَلَ وَأَنَاخَ النَّاقَةَ فِي مَنْزِلِهِ.

وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ لَمَّا نَقَلَ رَحْلَ النَّبِيِّ إِلَى مَنْزِلِهِ قَالَ النَّبِيُّ : الْمَرْءُ مَعَ رَحْلِهِ. وَأَنَّ سَعْدَ بْنَ زُرَارَةَ جَاءَ فَأَخَذَ نَاقَتَهُ فَكَانَتْ عِنْدَهُ، قَالَ: وَهَذَا أَثْبَتُ، وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ مُدَّةَ إِقَامَتِهِ عِنْدَ أَبِي أَيُّوبَ كَانَتْ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ) أَيْ مَوْضِعُ الْمَسْجِدِ (مِرْبَدًا) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ: هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُجَفَّفُ فِيهِ التَّمْرُ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْمِرْبَدُ كُلُّ شَيْءٍ حُبِسَتْ فِيهِ الْإِبِلُ أَوِ الْغَنَمُ، وَبِهِ سُمِّيَ مِرْبَدُ الْبَصْرَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْضِعَ سُوقِ الْإِبِلِ.

قَوْلُهُ: (لِسُهَيْلٍ، وَسَهْلٍ) زَادَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي جَامِعِهِ عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ وَكَانَا مِنَ الْأَنْصَارِ وَعِنْدَ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُمَا أَتَيَا رَافِعَ بْنَ عَمْرٍو، وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ سَأَلَ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ: هُوَ لِسُهَيْلٍ، وَسَهْلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو يَتِيمَانِ لِي وَسَأُرْضِيهِمَا مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (فِي حِجْرِ سْعَدِ بْنِ زُرَارَةَ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ، وَفِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ أَسْعَدَ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَهُوَ الْوَجْهُ، وكَانَ أَسْعَدُ مِنَ السَّابِقِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَيُكَنَّى أَبَا أُمَامَةَ، وَأَمَّا أَخُوهُ سَعْدٌ فَتَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ، وَوَقَعَ فِي مُرْسَلِ ابْنِ سِيرِينَ عِنْدَ أَبِي عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ أَنَّهُمَا كَانَا فِي حِجْرِ مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ، وَحَكَى الزُّبَيْرُ أَنَّهُمَا كَانَا فِي حِجْرِ أَبِي أَيُّوبَ، وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ، وَقَدْ يُجْمَعُ بِاشْتِرَاكِهِمَا أَوْ بِانْتِقَالِ ذَلِكَ بَعْدَ أَسْعَدَ إِلَى مَنْ ذُكِرَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ مناقبه كَانَ يُصَلِّي فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ النَّبِيُّ .

قَوْلُهُ: (فَسَاوَمَهُمَا) فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: فَكَلَّمَ عَمَّهُمَا أَيِ الَّذِي كَانَا فِي حِجْرِهِ أَنْ يَبْتَاعَهُ مِنْهُمَا فَطَلَبَهُ مِنْهُمَا فَقَالَا مَا تَصْنَعُ بِهِ فَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ يَصْدُقَهُمَا. وَوَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (حَتَّى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا) ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُعْطِيَهُمَا ثَمَنَهُ، قَالَ: وَقَالَ غَيْرُ مَعْمَرٍ: أَعْطَاهُمَا عَشْرَةَ دَنَانِيرَ. وَتَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ. قَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ. وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا، فَيُجْمَعُ بِأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ سَأَلَ عَمَّنْ يَخْتَصُّ بِمِلْكِهِ مِنْهُمْ فَعَيَّنُوا لَهُ الْغُلَامَيْنِ فَابْتَاعَهُ مِنْهُمَا، فَحِينَئِذٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ قَالُوا لَهُ: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ تَحَمَّلُوا عَنْهُ لِلْغُلَامَيْنِ بِالثَّمَنِ، وَعِنْدَ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَرْضَاهُمَا عَنْ ثَمَنِهِ.

قَوْلُهُ: (وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ أَيْ جَعَلَ (يَنْقُلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ) أَيِ الطُّوبَ الْمَعْمُولَ مِنَ الطِّينِ الَّذِي لَمْ يُحْرَقْ، وَفِي رِوَايَةِ عَطَّافِ بْنِ خَالِدٍ عِنْدَ ابْنِ عَائِذٍ أَنَّهُ صَلَّى فِيهِ وَهُوَ عَرِيشٌ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ بَنَاهُ وَسَقَّفَهُ. وَعِنْدَ الزُّبَيْرِ فِي خَبَرِ الْمَدِينَةِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ بَنَاهُ أَوَّلًا بِالْجَرِيدِ ثُمَّ بَنَاهُ بِاللَّبِنِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ.

قَوْلُهُ: (هَذَا الْحِمَالُ) بِالْمُهْمَلَةِ الْمَكْسُورَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ هَذَا الْمَحْمُولُ مِنَ اللَّبِنِ (أَبَرُّ) عِنْدَ اللَّهِ، أَيْ أَبْقَى ذُخْرًا وَأَكْثَرً وَأَدْوَمُ مَنْفَعَةً وَأَشَدُّ طَهَارَةً مِنْ حِمَالِ خَيْبَرَ، أَيِ الَّتِي يُحْمَلُ مِنْهَا التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي هَذَا الْجَمَالُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَقَوْلُهُ: رَبَّنَا مُنَادَى مُضَافٌ.

قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ إِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ الْآخِرَةْ، فَارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةْ) كَذَا