للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

صَوْتُ الْفَرَسِ.

قَوْلُهُ: (عُثَانُ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ خَفِيفَةٌ أَيْ دُخَانٌ، قَالَ مَعْمَرٌ: قُلْتُ لِأَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ: مَا الْعُثَانُ؟ قَالَ: الدُّخَانُ مِنْ غَيْرِ نَارٍ. وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: غُبَار بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ رَاءٍ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ. وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِهِ قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْعُثَانِ الْغُبَارَ نَفْسَهُ، شَبَّهَ غُبَارَ قَوَائِمِهَا بِالدُّخَانِ، وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَتْبَعَهَا دُخَانٌ مِثْلَ الْغُبَارِ. وَزَادَ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ مُنِعَ مِنِّي.

قَوْلُهُ: (فَنَادَيْتُهُمْ بِالْأَمَانِ) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي خَلِيفَةَ قَدْ عَلِمْتُ يَا مُحَمَّدٌ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنْجِيَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، وَاللَّهِ لَأُعَمِّيَنَّ عَلَيْكَ مَنْ وَرَائِي أَيِ الطَّلَبَ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَنَادَيْتُ الْقَوْمَ: أَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، أنْظُرُونِي أُكَلِّمُكُمْ، فَوَاللَّهِ لَا آتِيكُمْ وَلَا يَأْتِيكُمْ مِنِّي شَيْءٌ تَكْرَهُونَهُ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ. وَزَادَ وَأَنَا لَكُمْ نَافِعٌ غَيْرُ ضَارٍ، وَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلَّ الْحَيَّ - يَعْنِي قَوْمَهُ - فَزِعُوا لِرُكُوبِي، وَأَنَا رَاجِعٌ وَرَادُّهُمْ عَنْكُمْ.

قَوْلُهُ: (وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ ما لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَدْ مُنِعَ مِنِّي.

قَوْلُهُ: (وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ) أَيْ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى الظَّفَرِ بِهِمْ، وَبَذْلِ الْمَالِ لِمَنْ يَحْصُلُهُمْ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَاهَدَهُمْ أَنْ لَا يُقَاتِلَهُمْ وَلَا يُخْبِرُ عَنْهُمْ، وَأَنْ يَكْتُمَ عَنْهُمْ ثَلَاثَ لَيَالٍ.

قَوْلُهُ: (وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ) فِي مُرْسَلِ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فَكَفَّ ثُمَّ قَالَ: هَلُمَّا إِلَى الزَّادِ وَالْحُمْلَانِ، فَقَالَا: لَا حَاجَةَ لَنَا فِي ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ سُرَاقَةَ قَالَ لَهُمْ: وَإِنَّ إِبِلِي عَلَى طَرِيقِكُمْ فَاحْتَلِبُوا مِنَ اللَّبَنِ وَخُذُوا سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي أَمَارَةً إِلَى الرَّاعِي.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَرْزَآنِي) بِرَاءٍ ثُمَّ زَايٍ، أَيْ لَمْ يَنْقُصَانِي مِمَّا مَعِيَ شَيْئًا، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي خَلِيفَةَ: وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ سَهْمًا مِنْهَا، فَإِنَّكَ تَمُرُّ عَلَى إِبِلِي وَغَنَمِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ، فَقَالَ لِي: لَا حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ، وَدَعَا لَهُ.

قَوْلُهُ: (أَخْفِ عَنَّا) لَمْ يَذْكُرْ جَوَابَهُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبَرَاءِ فَدَعَا لَهُ فَنَجَا، فَجَعَلَ لَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا قَالَ لَهُ: قَدْ كُفِيتُمْ مَا هَاهُنَا، فَلَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا رَدَّهُ. قَالَ: وَوَفَى لَنَا. وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُرْنِي بِمَا شِئْتَ. قَالَ: فَقِفْ مَكَانَكَ، لَا تَتْرُكْنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا. قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ. أَيْ حَارِسًا لَهُ بِسِلَاحِهِ.

وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ قَالَ لِقُرَيْشٍ: قَدْ عَرَفْتُمْ بَصَرِي بِالطَّرِيقِ وَبِالْأَثَرِ، وَقَدِ اسْتَبْرَأْتُ لَكُمْ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَرَجَعُوا.

قَوْلُهُ: (كِتَابَ أَمْنٍ) بِسُكُونِ الْمِيمِ، وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كِتَابَ مُوَادَعَةٍ. وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ كِتَابًا يَكُونُ آيَةً بَيْنِي وَبَيْنَكَ.

قَوْلُهُ: (فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدَمَ) وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَكَتَبَ لِي كِتَابًا فِي عَظْمٍ - أَوْ وَرَقَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ - ثُمَّ أَلْقَاهُ إِلَيَّ، فَأَخَذْتُهُ فَجَعَلْتُهُ فِي كِنَانَتِي ثُمَّ رَجَعْتُ. وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ نَحْوَهُ وَعِنْدَهُمَا: فَرَجَعْتُ فَسُئِلْتُ فَلَمْ أَذْكُرْ شَيْئًا مِمَّا كَانَ، حَتَّى إِذَا فَزع مِنْ حُنَيْنٍ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ خَرَجْتُ لِأَلْقَاهُ وَمَعِيَ الْكِتَابُ، فَلَقِيتُهُ بِالْجِعِرَّانَةِ حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُ فَرَفَعْتُ يَدَيَّ بِالْكِتَابِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا كِتَابُكَ، فَقَالَ: يَوْمُ وَفَاءٍ وَبِرٍّ، ادْنُ، ف أَسْلَمْتُ.

وَفِي رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ نَحْوَهُ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ، عَنْ سُرَاقَةَ قَالَ: فَبَلَغَنِي أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى قَوْمِي، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أُحِبُّ أَنْ تُوَادِعَ قَوْمِي، فَإِنْ أَسْلَمَ قَوْمُكَ أَسْلَمُوا وَإِلَّا أَمِنْتَ مِنْهُمْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، قَالَ: فَفِيهِمْ نَزَلَتْ: ﴿إِلا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ الْآيَةَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ لَمَّا بَلَغَهُ مَا لَقِيَ سُرَاقَةُ، لَامَهُ فِي تَرْكِهِمْ، فَأَنْشَدَهُ:

أَبَا حَكَمٍ وَاللَّاتِ لَوْ كُنْتَ شَاهِدًا … لِأَمْرِ جَوَادِي إِذْ تَسِيخُ قَوَائِمُهُ