للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والاجتهاد، فلما عدمنا فيه التوقيف، وحصلنا على الاجتهاد في إثبات مقدار المدة، لم يتوجه علينا فيه سؤال، كتقويم المستهلكات، وأروش الجراحات، ومهر المثل، ونحوها من المقادير، إذا غلب في رأي المجتهد مقدار منها، لم يتوجه عليه سؤال في إثبات ذلك المقدار، دون غيره من المقادير.

لأنه لا يقال لمن قال: عندي أن هذا الثواب يساوي عشرة دراهم، أقم الدلالة على أن قيمته عشرة دون أن يكون تسعة ونصف، أو عشرة ونصف، فكذلك ما كان هذا سبيله من المقادير.

وكان أبو الحسن الكرخي رحمه الله، يحتج لجهة تغليب الرأي في الستة أشهر دون غيرها: بأنه لما كان المعتاد من الرضاع حولين، ثم قامت الدلالة على جواز الزيادة عليهما بما وصفنا، كان أولى المقادير باعتبار المدة التي ينتقل بها الصبي من حال كونه نطفة إلى غذاء اللبن، وهي ستة أشهر؛ لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر، فاعتبرنا ذلك في نقله من غذاء اللبن بعد الحولين إلى غذاء الطعام، فجعلنا ستة أشهر.

قال أبو بكر: ووجه آخر: وهو أن الله تعالى لما قال: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا}، فاشتملت هذه الجملة على ذكر مدتين للحمل والرضاع،

<<  <  ج: ص:  >  >>