فأولى أن لا يثبت جانب الوجود في الحدود، وهو مما يثبت بالشبهات والله تعالى أزال ذلك الإشكال بقوله:{وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} أي هم العاصون بهتك ستر العورة، وليس غرضهم من ذلك الطلب الحسنة لكذبهم في ذلك، وإليه في قوله تعالى:{لَمْ يَاتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} فلذلك وجب عليهم حد القذف، ولأن الشافعي رد الشهادة بدون مدة العجز، والله تعالى جعل رد الشهادة حكمًا لصفة التراخي بحرف (ثم) إلى وقت العجز بقوله: {ثُمَّ لَمْ يَاتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} والشافعي غير هذا حيث رد الشهادة بدون مدة العجز.
[العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب]
(ومن ذلك قول بعضهم: إن العام يختص بسببه) أي بسبب ورود العام كما لو قال رجل لآخر: تعالى تغد معي، فقال الآخر مجيبًا: إن تغديت اليوم فعده حر، وخص عموم هذه اليمين عند بعضهم بغداء ذلك الشخص الذي دعا إلى غدائه حتى لو ذهب إلى بيته وتغدى لا يحنث عندهم وألغى الزيادة.
(لأن النص ساكت عن سببه) أي عن سبب مخصوص بذلك الشخص، (والسكوت لا يكون حجة)؛ لأن الاستدلال بالسكوت يكون استدلالًا بلا دليل، فكيف يجوز باعتباره ترك العمل بالدليل وهو المنصوص.