(فلا يصح أن يحمل البعض على البعض)، وهذا نفي قول الشافعي فإنه حمل البعض على البعض، وبيان ذلك قوله تعالى:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} محمول على الغموس، فإن الغموس مما كسبته القلوب، ثم الله تعالى فسر ذلك في سورة المائدة بقوله:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} الآية، والعقد عقد القلب لا العقد الذي هو ذد الحل، والعقد يحتملهما، يقال: عقد الحبل وهذا لا يشكل، ويحتمل عقد القلب.
يقال: عقدت قلبي على كذا واعتقدت ذلك، ولي مع فلان عقيدة، وقوله تعالى:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} مفسر بعقد القلب فصار بيانًا لما هو مجمل وهو قوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} فحمل الشافعي ذلك على عقد القلب.
فتبين بتلك الآية أن المؤاخذة المذكرة في قوله:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} المؤاخذة بالكفارة، لكننا نقول: ذلك الذي قاله الخصم من حمل المحتمل على المفسر إنما يكون عند وجود المعارضة ينهما، والمعارضة غير ثابتة بينهما لما ذكرنا من حمل كل واحدة منهما على دار على حدة من دار الابتلاء ودار الجزاء، وقوله:((لأن المؤاخذة المثبتة مطلقة)) متصل بقوله: