للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبعد هذا التطور تحددت المفهومات على نحو ثابت، ونجد خلاصة آراء المتقدمين وثمرة التطور السابق كله محددة فى كتب التعريفات عند المتأخرين كالجرجانى فى تعريفاته، والتهانوى فى الكشاف: فالدهر هو الآن الدائم الذى هو امتداد الحضرة الإلهية، وهو باطن الزمان وبه يتحدد، الأزل والأبد، والأزل استمرار الوجود فى أزمنة مقدرة غير متناهية فى جانب الماضى، كما أن الأبد استمرار الوجود فى أزمنة مقدرة غير متناهية فى جانب المستقبل؛ والأزلى ما لا يكون مسبوقا بالغير أو بالعدم؛ والسرمد ما لا أول له ولا آخر، ونسبة المتغير إلى المتغير بالمعية أو القبلية أو البعدية تعطينا معنى الزمان وتحتم وجوده من كلا جانبيه؛ ونسبة المتغير إلى الثابت تعطينا معنى الدهر للثابت والزمان للمتغير، وتحتم وجود الزمان من أحد جانبيه، ونسبه الثابت إلى الثابت من حيث وجودهما معا تعطينا معنى السرمد ولا تحتم وجود زمان لهما، وعلى هذا يكون الزمان للمتغير دون الثابت؛ والمتغير الذى يوجد دفعة واحدة إنما يوجد فى آن هو طرف الزمان، فلا يوجد إلا فى زمان؛ أما الأمور الثابتة التى لا تتغير تغيرا تدريجيا ولا دفعيا فهى مع الزمان ولكنها فى حد ذاتها مستغنية عنه. والمتأخرون يرفضون رأى أبى البركات فى الزمان، لا لأنه "مدة الوجود"، بل لأنه رأى أن وجود اللَّه تعالى فى الزمان. ولا خلاف بين الفلاسفة ولا بين المتكلمين فى أن اللَّه لا يجرى عليه زمان وإن كان وجوده قد يكون مع الزمان، لأن الأشياء الموجودة فى الزمان قد تكون موجودة مع وجود اللَّه، ولكن بين وجودها ووجوده تعالى فرق حاسم.

أما غير ذلك مما يتعلق بالزمان من نحو رأى أفلاطون أو الآراء التى ترجع إلى مذهبه، كالقول بأن الزمان جوهر مجرد عن المادة، أو أنه الفلك الأعظم، فكل ذلك لا يذكر عند الإسلاميين إلا كما يذكر الشئ التاريخى.

أما رأى المتكلمين فى معنى الزمان فقد رأينا شيئا منه عند المعتزلة، ومنه يتبين أنه ليس عندهم ذاتا ولا شيئا حقيقيا، بل هو اعتبارى بالنسبة