من التدوين التاريخي تمامًا في مصر أيام العثمانيين حتى أحياه الجبرتى وحده نتيجة لأثر شآمى. وثمة مسألة هي: هل تأثر الجبرتى أيضًا بكتب التراجم المملوكية؟ ولكن التحقق من ذلك ليس ميسورًا في ضوء ما لدينا الآن من معلومات.
وقد كتب الجبرتى المجلدات الثلاثة الأولى من أخباره في صورتها النهائية خلال عام ١٢٢٠ هـ ومستهل عام ١٢٢١ هـ (١٨٠٥ - ١٨٠٦ م) وألف المجلد الرابع والأخير فيما يظهر، خلال الفترة التي تستوعبها هذه المدة، أي في الأعوام من ١٢٢١ - ١٢٣٦ هـ (١٨٠٦ - ١٨٢١ م). وليس من شك في أنه كان يعتزم المضى في كتابة تاريخه بعد المجلد الرابع وقد نتبين ذلك من ملاحظته التي وردت في نهاية ذلك المجلد. ولا يمكن القول على وجه التحقيق هل مضى في كتابته أم لم يمض.
وظل نشر كتاب عجائب الآثار محرمًا في مصر مدة طويلة بسبب الهجمات الشديدة التي حمل بها الجبرتى على محمد على ونظام حكمه. ويسوق أ. فون كريمر A.von Kremer شاهدًا كاشفًا على محاولة حكومة مصر منع نشر الكتاب) Aegypten، ج ٢، ص ٣٢٦) ولم يرفع الحظر عن نشره إلا حوالي نهاية السبعينات من القرن التاسع عشر. وكانت أول مرة ينشر فيها أي جزء منه دون تدخل من سلطات الحكم عام ١٨٧٨, (حين نشرت جريدة مصر، وهي إحدى صحف الإسكندرية القسم الخاص بالاحتلال الفرنسى، وقد نشره أديب إسحاق وأطلق عليه اسم "تاريخ الفرنسوية في مصر". وفي عام ١٢٩٧ هـ (١٨٧٩ - ١٨٨٠ م)، أي بعد ارتقاء الخديو توفيق العرش بقليل، نشر تاريخ الجبرتى كاملًا لأول مرة في مطبعة بولاق وهذه الطبعة هي العمدة. وفي عام ١٣٠٢ هـ (١٨٨٤ - ١٨٨٥ م) نشر هذا- التاريخ مرة أخرى في المطبعة الأزهرية على هامش كتاب الكامل لابن الأثير" ونشر عام ١٣٢٢ هـ (١٩٠٤ - ١٩٠٥ م) في كتاب مستقل بالمطبعة الأشرفية في القاهرة. ونشرت ترجمة فرنسية لكتاب عجائب الآثار