للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السليم والتبصر بالأمور. وعلى الرغم من الصمت الذي يلزمه (حاخام الجزائر العاصمة) على نقيض كبير الأساقفة الذي وقف موقفا كريما، حيث قام بشجاعة، وعلى مسمع ومرأى من الدنيا، فندد بالظلم الاستعماري، فإن أغلبية الجزائريين لم يعدوا الطائفة اليهودية ملتحقة بصف العدو نهائيا، وقد قضت جبهة التحرير الوطني على الاستفزازات الكثيرة التي دبرها الاخصائيون في الولاية العامة. وإذا استثنينا العقوبات الفردية التي أنزلت بالشرطة والحركة الإرهابية المضادة للمسؤولين عن جرائم، اقترفت ضد السكان الأبرياء، فقد تمت صيانة البلاد الجزائرية من كل ثورة ضد اليهود، ومقاطعه التجار اليهود قد قمعت في مهدها وقبل انطلاقها، وكان المفروض أن تعقب مقاطعة التجار (الميزابيين)؛ هذا الذي يفسر كون النزاع العربي - الإسرائيلي، لم يكن له في الجزائر صدى خطير، الأمر الذي كان - لو وقع - يصفق له أعداء الشعب الجزائري. وقد برهنت الثورة الجزائرية بالفعل على أنها جديرة بثقة الأقلية اليهودية، وأنها جديرة بأن تكفل لليهود حظهم من السعادة في الجزائر المستقلة، ولا تحتاج الثورة لاكتساب هذه الصفحة إلى البحث عما سجله تاريخ بلادنا من دلائل على التسامح الديني، والتعاون في أرقى وظائف الدولة والتعايش الصادق النزيه.

إن اضمحلال النظام الاستعماري الذي استخدم الأقلية اليهودية، واتخذها درعا لتخفيف الضربات النازلة على الاستعمار، ليس معناه القضاء حتما على هذه الأقلية بالفقر، وليس أسخف من الافتراض القائل (بأن الجزائر لا تكون شيئا مذكورا إذا انفصلت عن فرنسا). إن الازدهار الاقتصادي الذي تناله الشعوب المحررة أمر

<<  <  ج: ص:  >  >>