وعلى هذا فالظاهرُ أنَّ أبا محمد صاحب هذا الحديث رجلٌ آخرُ غير أبي موسى، فلا أدري ما وجه الجمع بينه وبين تسمية الدارقطنيِّ له بابنِ موسى، إلا أن يكونَ الدارقطنيُّ يذهبُ إلى كونهما واحدًا، أو أن ذلك وهم أو سبقُ قَلَمٍ، واللهُ أعلمُ.
العلة الثانية: يحيى بنُ أبي كَثيرٍ، كان حافظًا مشهورًا، ولكنه كان كثيرَ الإرسالِ ويقالُ: لم يَصحَّ له سماعٌ من صحابيٍّ. ووصفه النسائيُّ بالتدليسِ (طبقات المدلسين ١/ ٣٦)، وقد عنعنَ في روايتنا هذه، واحتمالُ عدم سماعه من يوسفَ هذا موجودٌ، فقد عَدَّهُ ابنُ حَجرٍ من صغارِ الصحابةِ (التقريب ٧٨٧٠).
والحديثُ ضَعَّفَهُ الألبانيُّ في (الصحيحة ٣٣٩٨)، و (تمام المنة صـ ٢٦٠) بميمون أبي محمد، واعتمد فيه قول ابن عدي.
وأما الحافظُ ابنُ حَجرٍ فقال -بعد أن أَسندَ طريقَ يحيى بنِ أبي كثيرٍ هذا-: "هذا حديثٌ حسنٌ"، ثم ذكرَ روايةَ أحمدَ وغيرِهِ المتقدمة من طريقِ صدقةَ متابعة لها، فقال:"أخرجه أحمدُ أيضًا، والبخاريُّ في (التاريخ) مِن وجهٍ آخرَ عن يوسفَ بنحوِهِ"(نتائج الأفكار ٥/ ١٥٠).
فظهرَ أنه يُحَسِنُهُ لأجلِ طريقِ صدقةَ، وليسَ هذا، والله أعلم.
وللحديثِ طريقٌ آخرُ أشارَ إليه الهيثميُّ؛ فقال -في موضعٍ آخرَ-: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، وفيه عطاءُ بنُ عجلانَ، وهو ضعيفٌ"(مجمع الزوائد ٢٤٣١).
قلنا: بل وَاهٍ؛ فقد قال عنه الحافظُ: "متروكٌ، بل أَطلقَ عليه ابنُ مَعينٍ