واجتمعت الجيوش الإسلامية تحت رايته
فظفر في هذه الواقعة بالمرهتة وقتل منهم مقتلة عظيمة، قتل فيها من المرهتة ثمانية وعشرين ألفاً،
وأسر اثنين وعشرين وألفاً، وفي تلك الأثناء خرج عليه خارجة في لاهور، فسار إليها وانقض على
المتمردين بجموعه فهزمهم أقبح هزيمة وفتح للأفغانيين طريق كشمير، وتوفي أحمد شاه في ٢٠ من
رجب سنة ١١٨٦ للهجرة ٢٣ من أكتوبر سنة ١٧٧٢ م بقرب مدينة قندهار.
كان أحمد شاه من كبار القادة العسكريين ومؤسس الحكومات الذين نبغوا في منتصف القرن الثاني
عشر الهجري، قد جمع شمل الأفغان، ونظمهم في سلك واحد، وضبط البلاد، وحفظ الثغور، وسن
القوانين العادلة، وأقام الحسبة، وكان جامعاً بين صفات الفروسية ومكارم الأخلاق والنبل، محباً للعلوم
والآداب، أليفاً ودوداً، وقوراً مهيباً إذا كان على منصة الحكومة، متواضعاً بعيداً عن التكلف في غير
هذا الوقت، متديناً حريصاً على صحبة العلماء والصالحين، مكرماً للسادة والمشايخ، يذاكرهم في
الأمور الدينية، والمسائل العلمية، رحيماً كثير العفو عن الأعداء، كارهاً للقسوة محباً للمساواة، منح
الحرية الدينية لجميع الطوائف، وشجع على النكاح الثاني للأيامي، الذي كان يكرهه الأفغان
ويتعيرون منه، حمل العلماء والمؤلفين على وضع كتب في تاريخه، وتسجيل وقائعه وأيامه، وكان
كاتباً يؤلف، ويتمنى أن يصل إلى درجة الولاية.
ومن أشهر مآثره وأعظمها، أنه هزم المرهتة الذين شكلوا أكبر خطر على الحكومة الإسلامية في
الهند، وعلى الكيان الإسلامي هزيمة منكرة، لم تقم لهم قائمة بعدها، وكان في توجهه إلى الهند لحماية
المسلمين سهم كبير لشيخ الإسلام ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي، الذي حث الأمير نجيب الدولة
على دعوته إلى الهند، وكان - لو بقي في الهند - تاريخ آخر للمسلمين فيها، ولكنه كان مرتبطاً
ببلاده ومصالحها، لا يحب أن يعيش بعيداً عن مركز سلطته وقوته، فعاد إلى قندهار على أثر الفتح
العظيم، فاضطربت الأحوال في الهند، ولم يستطع المسلمون أن ينتفعوا بهذا الفتح طويلاً لضعف
القيادة، وتفرق الكلمة، فكان ما كان، وكان أمر الله قدراً مقدوراً.
القاضي أحمد حماد الفتحبوري
الشيخ العالم الفقيه القاضي أحمد حماد بن جان محمد بن محمد دولة الأنصاري السهالوي ثم
الفتحبوري أحد الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ بفتحبور وقرأ العلم على عمه العلامة كمال الدين بن محمد
دولة الفتحبوري، وولي القضاء لفتحبور مكان والده، وكان من العلماء المتورعين جاوز عمره سبعين
سنة، كما في أغصان الأنساب.
الشيخ أحمد عبد الحق اللكنوي
الشيخ الفاضل الكبير أحمد عبد الحق بن محمد سعيد بن الشيخ الشهيد قطب الدين محمد الأنصاري
السهالوي ثم اللكهنوي أحد الأفاضل المشهورين والعلماء المتبحرين، ولد في سنة وفاة جده قطب
الدين في التاسع عشر أو السابع والعشرين من رجب سنة ثلاث ومائة وألف بقرية سهالي بكسر
السين المهملة، ثم قدم لكهنؤ واشتغل على عمه الشيخ نظام الدين محمد الأنصاري السهالوي حتى
برع وفاق أقرانه ودرس وأفتى وصار من أكابر العلماء في حياة شيخه نظام الدين.
له شرح بسيط على سلم العلوم للقاضي محب الله بن عبد الشكور البهاري، وله حاشية على حاشية
مير زاهد على الرسالة وعلى حاشيته على شرح التهذيب للدواني وعلى حاشيته على شرح المواقف.
مات في تاسع ذي الحجة سنة سبع وثمانين ومائة وألف ببلدة لكهنؤ، كما في أغصان أربعة.
القاضي أحمد علي السنديلوي
الشيخ العلامة أحمد علي بن فتح محمد الحنفي السنديلوي أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة،
ولد ونشأ ببلدة سنديله وقرأ العلم على صهره حمد الله ابن شكر الله السنديلوي ثم ولي القضاء، وكان
شديد الاشتغال بمطالعة الكتب وتدريس الطلبة وتعليق الشروح والحواشي على كتب المنطق