للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغير ذلك.

ويشترك القسم الثاني معه في بعض ما تقدم، ويزيد عليه: العلم بأحوال الشيخ، وحديثه، ورأيه.

وسأذكر الآن نماذج من القسمين، يتضح منها بجلاء تعدد جهات المفاضلة بين الرواة.

فمن ذلك قول أحمد: "كان يحيى بن سعيد لا يعدل بسفيان أحدا، يقدمه، وقال يحيى: ما رأيت أحدا خيرا من شعبة" (١).

وروى علي بن المديني عن يحيى قوله: "ليس أحد أحب إلي من شعبة، ولا يعدله أحد عندي، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان" (٢).

فمراد يحيى تقديم شعبة في نقده للسنة، وحرصه على انتقاء الرواة، والتفتيش عن سماعهم، وتتلمذه عليه في ذلك، وأما في الحفظ والتثبت فيقدم سفيان (٣).

ويقرب منه قول أحمد في يحيى بن سعيد، قال عبد الله: "قلت لأبي: من رأيت في هذا الشأن -أعني الحديث-؟ قال: ما رأيت مثل يحيى بن سعيد: قلت: فهُشَيْم؟ قال: هُشَيْم شيخ، ما رأيت مثل يحيى -وكان أبي يعظم أمره جدا في الحديث والعلم-، قلت له: كان فقيها؟ قال: صالح الفقه، قلت: فعبد الرحمن؟ قال: لم نر مثل يحيى -يعني في كل أحواله-" (٤).


(١) "العلل ومعرفة الرجال"١: ٥٠٥.
(٢) "الجرح والتعديل"١: ٦٣، ٤: ٢٢٤، وانظر: "تاريخ بغداد"٩: ١٦٥ - ١٦٦.
(٣) انظر: "الجرح والتعديل"٤: ٣٦٩، و"تاريخ بغداد"٩: ١٦٥ - ١٦٦.
(٤) "العلل ومعرفة الرجال"١: ٥٠٥.

<<  <   >  >>